فقد جعلت الآية الكريمة التوحيد رأس الأمر فيما بعده من الأوامر والنواهي، فتقرر إذن اختصاص الله تعالى وحده بالطاعة في التشريع، كما اختص بالعبادة وحده، وهذا هو معنى التوحيد في شموله وسعة مدلوله.
يقول الدكتور محمد عبد الله دراز -رحمه الله- بعد كلام طويل عن سورة البقرة: "الخطوة الأولى: تقرير وحدة الخالق المعبود. الخطوة الثانية: تقرير وحدة الأمر المطاع، وهي ركن من عقيدة التوحيد في الإسلام، فكما أن من أصل التوحيد ألا تتخذ في عبادتك إلهًا من دون الرحمن، الذي بيده الخلق والرزق، كذلك مِن أصل التوحيد ألا تجعل لغيره حكمًا في سائر تصرفاتك، بل لا تعتقد ألا حكم إلا له، وأن بيده وحده الأمر والنهي، والحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، ومن استحل حرامًا أو حرم حلالًا فقد كفر". انظر (النبأ العظيم) ص ٢١٧.
أساليب القرآن الكريم في الحديث عن الوحدانية والتوحيد
جاءت أساليب القرآن في هذا الباب على غاية التفنن والإبداع، تلطفًا في استدعاء الناس إلى التوحيد، وتأليفًا لقلوبهم، ولفتًا لأسماعهم وأبصارهم، وإقامة للحجة عليهم بكل الأساليب، ومن ذلك:
أولًا: أسلوب الخبر المجرد بيانًا للحق وإعلامًا للخلق، كما قال تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الفاتحة: ٢) وكما قال تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ (البقرة: ١٦٣).
ثانيًا: أسلوب الخبر المؤكد، والمؤكدات التي جاء بها القرآن الكريم في شأن الوحدانية والتوحيد كثيرة ومتنوعة؛ ومنها:
أولًا: التأكيد بإن.
ثانيًا: التأكيد باللام.