الطريق الثاني للإثبات وهو: الاعتماد على القرائن:
قال تعالى: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾ (يوسف: ٢٦ - ٢٨). وذلك أنه قضى على المرأة بقرينة شق القميص من الخلف، فذلك دليل على إعراض يوسفَ وجَذْب المرأة له، والشريعة لم ترد حقًّا، ولم تنبذ شهادةَ الفاسق، بل أمرتنا أن نتثبتَ منها، معتمدين على القرائن، ومن القرائن الاعتمادُ على الخط المكتوب، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ (البقرة: ٢٨٢)، وذلك أنّ الله علّل الكتابة بأنها أعدلُ وأبعد عن الارتياب، وما ذلك إلا أنه يعتمد عليها. ومن طرق الإثبات شهادة الشهود، والقاضي بصير يمكنه أن يتبيّن صدق المدَّعي أو كذبه، قال تعالى: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُم﴾ (محمد: ٣٠) وقال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ (الحجر: ٧٥).
علاج الجريمة
العقوبة في القرآن: للحفاظ على مصلحة الجماعة شرَع الله العقاب، وهو إمّا دنيوي يكفي لعلاج المذنب، وإمّا أخروي يردَع مَن تحدّثه نفسُه بالإجرام، أو يوقِع على مَنْ فَلَت من عقاب الدنيا، ونصّ القرآن الكريمُ على بعض العقوبات، وعلى المسلمين تنفيذُها، وخطّط أصولًا للتعازير، وعليهم أن ينظِّموها، وليست قيمة النظام بما يحلّل ويحرّم فقط، بل بإسعاد الجماعة، والعقاب في القرآن لا لمجرّد مخالفة، أمر الشارع مجردًا عن مصلحة الجماعة، بل لهما معًا، والغرض من العقوبة في القرآن. أنها قبل الفعل زواجر بعده.