الروابط بين العقوبة والجريمة، وتعليل ذلك:
قاطع الطريق عندما يعتدي على غيره بالقتل فقط، إنما يفعل ذلك مدفوعًا بتنازع البقاء وتغلُّب الأنانية، فهو يحرص على عدم مزاحمة القتيل له في الأرض الواسعة، وكأنه يريد أن ينفرد بالكون وحده، هذا الذي يدفع بتنازع البقاء يعاقب بقطع بقائه من الوجود، أو بنقيض ما كان يبتغيه، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (المائدة: ٣٣، ٣٤).
عقوبة الصلب:
عقوبة لمن سرق وقتل، وقد سرق طغيانًا على غيره، وقتل اعتداءً على غيره، فيعاقب بالصلب بعد الموت كما قال الشافعي وأحمد؛ لينزجر غيره، أو يصلب قبل الموت كما قال أبو حنيفة ومالك؛ ليزداد ألمه جزاءً على ذلك الاعتداء الصارخ، وهو ميت لا محالة بعد الصلب جزاءً وفاقًا.
قطع اليد والرجل:
لأنّ نجاة قاطع الطريق ربما تشجعه وتشجّع غيرَه، وجريمته مزدوجة، فهو مخيف للمارة، وهو كذلك سارق، فكان العقاب عليه مضاعفًا، تقطع يدُه التي تقَوّى بها على السرقة، ورجله التي خطى بها لقطع السبيل.
عقوبة النفي:
وهي تكون لمن وقف يقطع السبيل ولم يسرق ولم يقتل، فكان عمله هذا دليلًا على ابتغائه الشهرة الباطلة الزائفة، فإذا نُفِيَ من الأرض بالحبس -كما قال أبو


الصفحة التالية
Icon