﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ (البقرة: ٢)، ثم تعرض السورة لأصول البرّ الذي يطلبه الله من العباد، ويكون منها بعد الإيمان، قال تعالى: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ﴾ (البقرة: ١٧٧) ويجعل ذلك من دلائل الصدق في الإيمان والتقوى.
وسورة الأنفال تذكر مقومات الإيمان، ويكون منها بعد وجَل القلوب من ذكر الله، وزيادة الإيمان بآياته، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ (الأنفال: ٣) وقال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ (الأنفال: ٤) وترى سورة النساء وسورة الحجرات تذكرانِ الإيمانَ ولا تذكران معه سوى الإنفاقِ في سبيل الله، قال تعالى: ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ﴾ (النساء: ٣٩)، وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ (الحجرات: ١٥).
هذا أسلوب يضع الإنفاق في سبيل الله في مستوى الإيمان، وإذا قلّبنا صفحات القرآن الكريم لم نجده أطلق عنوان العقبة التي تحول بين الإنسان وسعادته على شيء سوى إطعام الفقير والمسكين، كما أنه لم يجعل عدمَ التحريض على شيء من تكاليفه علامة على التكذيب بيوم البعث والجزاء، وعلامة على الصدق في الصلاة وإقامتها، سوى إطعام المسكين، قال تعالى: ﴿فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ (البلد: ١١ - ١٨).