العباس وخالد بن الوليد شريكين في الجاهلية، يسلفان في الربا إلى ناس من ثقيف، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا، فأنزل الله هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع، وأول دم أضعه دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب)) رواه الواحدي عن السدي.
ثانيًا: إنّ المسلمين قد أجمعوا على تحريم الربا قليله وكثيره، فهذا القول يعتبر خروجًا عن الإجماع، كما لا يخلو عن جَهْل بأصول الشريعة الغرّاء، فإن قليل الربا يدعو إلى كثيره، فالإسلام حين يحرّم الشيء يحرمه كليًّا؛ أخذًا بقاعدة سَدِّ الذرائع؛ لأنه لو أباح القليل منه لجرّ ذلك إلى الكثير منه، والربا كالخمر في الحرمة، فهل يقول مسلم عاقل: إن القليل من الخمر حلال؟!
ثالثًا: نقول لهؤلاء الجهلة من أنصاف المتعلمين: أتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فلماذا تحتجون بهذه الآية على دعواكم الباطلة، ولا تقرءون قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ (البقرة: ٢٧٥) وقوله تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا﴾ (البقرة: ٢٧٨) وقوله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ (البقرة: ٢٧٦). هل في هذه الآيات ما يفيد الربا بالقليل أو الكثير، أم اللفظ مطلق؟
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لعن الله آكل الربا وموكله، وشاهديه، وكاتبه)) صحيح أخرجه مسلم. فالربا محرم بجميع أنواعه من نصوص قطعية، والقليل والكثير في الحرمة سواء، وصدق الله حيث يقول: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ (البقرة: ٢٧٦).


الصفحة التالية
Icon