روى البخاري عن سمرة بن جندب في حديث المنام الطويل: ((فأتينا على نَهر حسبتُ أنه كان يقول أحمرَ مثل الدم، وإذا في النهر رجل سايح يسبح، وإذا على شط النهر رجل قد جُمِعَ عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السايح يسبح ما يسبح، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع الحجارة عنده، فيفغر له فاه، فيلقمه حجرًا)) صحيح أخرج البخاري وغيره.
وهؤلاء أكلة الربا، جوزوا بذلك؛ لاعتراضهم على أحكام الله في شرعه، ذلك بأنهم قالوا: ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾ قياسًا منهم للربا على البيع؛ لأن المشركين لا يعترفون بمشروعيته، بمشروعية أصل البيع الذي شرعه الله في القرآن، ولو كان هذا من باب القياس لقالوا: إنما الربا مثل البيع، وإنما قالوا: ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾ أي: نظيره، فلما حرِّم هذا وأبيح هذا، وهذا اعتراض منهم على الشرع، أي: هذا مثل هذا، وقد أحِلّ هذا وحرّم هذا، وقد رد الله على اعتراضهم هذا بقوله: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾.
ومن بلغه نهي الله عن الربا فانتهى حال وصول الشرع إليه، فله ما سلف؛ لقوله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ﴾ (المائدة: ٩٥) وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة: ((وكلّ ربًا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين، وأول ربًا أضع رب االعباس)) هذا الحديث له شاهد من حديث جابر أخرجه مسلم.
ومن عاد إلى الربا ففعله بعد بلوغه نهي الله عنه، فقد استوجب العقوبة، وقامت عليه الحُجة، ولهذا قال تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾، ثم يخبر الله تعالى أنّه يذهب الربا بالكلية من يدي صاحبه، أو يُحرمه بركة ماله، فلا ينتفع به، بل يعذبه به في الدنيا، ويعاقبه عليه يوم القيامة.