في أيدي الملائكة، وأن قوله: ﴿وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَاب﴾ اللوح المحفوظ.
ويدل على هذا الوجه سياق الآية، وهو قوله: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاب﴾ ثم قال: ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ﴾ أي: من ذلك الكتاب: ﴿وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَاب﴾ أي: أصله، وهو اللوح المحفوظ، وقيل: يمحو الله ما يشاء من الشرائع وينسخه، ويثبت ما يشاء فلا ينسخه، والسياق أدل على هذا الوجه من الوجه الأول، وهو قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إلَّا بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاب﴾ (الرعد: ٣٨) فأخبر تعالى أن الرسول لا يأتي بالآيات من قبل نفسه، بل من عند الله، ثم قال: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاب * يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ﴾ (الرعد: ٣٨ - ٣٩).
أي: أن الشرائع لها أجل وغاية تنتهي إليها ثم تنسخ بالشريعة الأخرى، فينسخ الله ما يشاء من الشرائع عند انقضاء الأجل، ويثبت ما يشاء، وفي الآية أقوال أخرى، والله أعلم بالصواب.
نأتي بعد ذلك إلى نقطة أخرى عن تفسير كلمة: "لا حول ولا قوة إلا بالله":
هذا دليل على إثبات القدر، الله -سبحانه وتعالى- لا يكلف العباد إلا ما يطيقون، ولا يطيقون إلا ما كلفهم، والله -سبحانه وتعالى- يعلم أن عباده يطيقون فوق ما كلفهم، لكنه سبحانه يريد بعباده اليسرَ والتخفيفَ، كما قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (البقرة: ١٨٥) قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ﴾ (النساء: ٢٨) وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (الحج: ٧٨) فلو زاد فيما كلفنا به لأطقناه، لكنه تفضل علينا ورحمنا وخفف عنا، ولم يجعل علينا في الدين من