أما كلمة اللب لم ترد وإنما ورد مرادفها، مرادف اللب وهو القلب، قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب﴾ (ق: ٣٧)، ولم يقل لمن كان له لب، فلم تُستخدم المفردة مع أن نظيرها استخدم في كتاب الله، كيف النظير؟ النظير في الوزن والنطق، فكلمة لب توازي كلمة جب ﴿وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ﴾ (يوسف: ١٠) فلما ذُكر الجب ولم يُذكر اللب مع أنهما متوازيان ومتساويان في الوزن إلا أنهما يختلفان في المخارج، ويختلفان في العلاقة بين الحرفين، ففرق بين اللام والباء بما فيها من ثقل، وبين الجيم والباء وبما فيها من صلة، كذلك أيضًا في قضية الإفراد والجموع، تجد كلمة أرجاء استخدمت ولم يستخدم الرجا المفرد لها، تجد كلمة أكواب استخدمت: ﴿بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾ (الواقعة: ١٨) أما كلمة كوب لم تجدها استخدمت في كتاب الله، كذلك كلمة الأصواف: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ﴾ (النحل: ٨٠) كلمة أصواف استخدمت أما كلمة صوف المفرد لم يستخدم، وعندما أُريد استخدم مرادفه، وهو العهن، في قوله تعالى: ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾ (القارعة: ٥)، وعندما تُسأل عن تفسير العهن يُقال لك هو الصوف، ولكنما لم يستخدم واستخدم مرادفه مكانه.
كذلك كلمة الأحبار، ﴿إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ﴾ (التوبة: ٣٤) وقوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُم﴾ (التوبة: ٣١) كلمة الأخبار استخدمت، أما حبر وهي مفرد أحبار لم تستخدم في القرآن الكريم، ذلك دليل عملي على استخدام الكلمات الجموع دون مفرداتها لما في الجموع من أثر صوتي يلمحه من له تذوق في اللغة ولما في المفردات من تنافر أو ثقل يتأمله أيضًا من


الصفحة التالية
Icon