مكان كلمة في كتاب الله عز وجل، لذلك يذكر أهل البلاغة هذه القصة المشهورة بين الخنساء وحسان - رضي الله عنهما.
يقول حسان بن ثابت - رضي الله عنه:

لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
ولدنا بني العنقاء وابن محرق فأكرم بنا خالًا وأكرم بنا ابنما
قال حسان هذين البيتين وكانت الخنساء -رضي الله عنها- تكلمه في هذين البيتين، هذا الأمر بالطبع قبل الإسلام يعني هذه مرحلة في سوق عكاظ عندما كان يجتمع الشعراء ويتعرضون لما يُسمى مجالس النقد الأدبي، فالخنساء -رضي الله عنها- تقول لحسان رضي الله عنه: ضعفت افتخارك وأبرزته في ثمانية مواضع أي أنها لاحظت في هذين البيتين ثمانية مواضع كانت سببًا في إضعاف الافتخار الذي أراده حسان رضي الله عنه، هو يريد أن يفتخر، فقال هذين البيتين، فهي تقول له أنت أضعفت هذا الافتخار وجعلته ضعيفًا بسبب استخدامك هذه الكلمات وبدأت تعد له هذه الكلمات التي قالها.
فقالت: قلت لنا الجفنات والجفنات ما دون العشر فقللت العدد، ولو قلت الجفان لكان أكثر، وقلت الغر والغرة البياض في الجبهة، ولو قلت: البيض لكان أكثر اتساعًا، وقلت: يلمعن واللمع شيء يأتي بعد الشيء ولو قلت يشرقن لكان أكثر، لأن الإشراق أدوم من اللمعان، وقلت: بالضحى ولو قلت: بالعشي لكن أبلغ في المديح لأن الضيف بالليل أكثر طروقًا، وقلت: أسيافنا والأسياف دون العشر ولو قلت سيوفنا كان أكثر، وقلت: يقطرن فدللت على قلة القتل ولو قلت يجرين لكان أكثر لانصباب الدم، وقلت دمًا والدماء أكثر من الدم، وفخرت بمن ولدت ولم تفتخر بمن ولدوك، فعدت له -رضي الله عنها- ثمانية مواضع في بيتين من الشعر، ومن حسان كما تعلمون شاعر فحل


الصفحة التالية
Icon