أما الأصل أن تُطلق الفاصلة على نهاية الآية أو رأس الآية، هذه الفواصل -أيها الابن الحبيب- إذا تأملتها تجد أنها تؤدي دورًا بلاغيًّا جميلًا في النص وفي النسق القرآني:
أولًا: تتيح استراحة لقارئ القرآن، يستريح ينتقل من آية إلى أخرى.
ثانيًا: تحدد نهايات الآيات وبداياتها فيما عدا مواضع في القرآن أنت تعرفها من خلال قراءتك لكتاب الله تجد أن معنى الآيتين متصل، فلا يحسن أن تقف على الآية مثلًا خاصة لو كان في أمر الصلاة أو كذا، فلا يحسن أن تقف على الآية وتركع ثم تأتي لتبدأ بالآية التي بعدها لاتصال الآيتين بعضهما ببعض، وهذا في مواضع معدودة في كتاب الله -عز وجل- أما الأصل فهو الوقوف على رؤوس الآي.
ثالثًا: تمكن القارئ من حسن الأداء وتتيح للسامع فرصة حسن المتابعة.
أما النقطة الرابعة: فهي تحدث انسجامًا صوتيًا يستولي على القلوب ويستقطب العقول ويأسر الأسماع.
هذا دور الفواصل في إجماله وأثره من الناحية الأدائية ومن ناحية الأصوات، والفاصلة هي عبارة عن حرف يُختتم به كلمة، هذه الكلمة يُختتم بها الآية فانظر -رحمك الله- إلى الفواصل في كتاب الله وخواصها، تكلمنا عن فائدتها والآن نتكلم عن خواصها وأنها كيف تميزت في كتاب الله -سبحانه وتعالى- بهذا الشيء الذي تراه.
يقول الرافعي: وما هي هذه الفواصل التي تنتهي بها آيات القرآن إلا صور تامة للأبعاد التي تنتهي بها جمل الموسيقى، وهي متفقة مع آياتها في قرار الصوت اتفاقًا عجيبًا، يلائم نوع الصوت والوجه الذي يُساق عليه بما ليس وراءه في


الصفحة التالية
Icon