وعبّروا عنه وأشاروا إليه، وفي القرآن من الأسرار أكثر مما قالوا بكثير، ولا يعلم مدى ذلك إلا الله -سبحانه وتعالى، فهو أعلم بمراد كتابه -جل في علاه- ويبسط من العلم من قربه وشرفه بمُدارسة القرآن وبالنظر فيه، يبسط له ما شاء، وكله يندرج تحت قوله تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (الإسراء: ٨٥)، هذا بعض ما ظهر لنا في هذه المسألة.
وننتقل إلى مسألة أخرى، تتعلق بالحروف أيضًا ولكنها من نوع آخر، بمعنى أن الحروف إذا نظرت إليها -أيها الابن الحبيب- تقسم عند العلماء إلى نوعين: حروف مباني: وهي ما يتكون منها الكلمات، وهي التي تناولنها في الدرس هذا وفي درسنا السابق، ومن بناء الكلمات والألفاظ، وحروف معاني: وهي الحروف التي جاء بها لمعنى وهي الحروف التي يهتم بها النحاة أكثر من اللغويين؛ لأنها تؤدي إلى معان وتؤثر في الإعراب، ولها دخل بالعوامل النحوية، فحروف المعاني كحروف الجر وحروف العطف وحروف النداء وإن وأخواتها وجوازم المضارع ونواصب المضارع كل ذلك يندرج تحت ما يسمى بحروف المعاني، هذه الحروف لها وظيفتان؛ وظيفة نحوية كما قلت لكم: ما بعدها منصوب أو مجرور أو مجزوم، وظيفة أخرى هي أسمى وأعلى وأدق وهي الوظيفة البلاغية التي يظهر من خلالها إعجاز القرآن الكريم وروعة البيان، وهذا الموضوع لنا فيه وقفة في درسنا القادم -إن شاء الله-سبحانه وتعالى- بالحديث عن حروف المعاني.
وجزاكم الله خيرا.