إلى القول بالصرفة وسيأتي بيانها، وذهب الأشاعرة إلى أن سر الإعجاز ما به من الإخبار عن الغيبيات ولنا مع ذلك وقفة أيضا إن شاء الله، وهناك من يقول: إن إعجاز القرآن في معانيه دون ألفاظه، وهناك من يقول: إن إعجاز القرآن في نظمه، وهناك من يقول: إن إعجاز القرآن في خلوه من التناقض، وفي العصر الحديث عصر العلم والتكنولوجيا كما يحلو لهم أن يطلقوا عليه ظهر الاهتمام بما يسمى الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، وهناك جهود وجهود حول إبراز أوجه جديدة للإعجاز في القرآن الكريم، كما فعل الأستاذ رءوف أبو سعدة في كتابه العلم الأعجمي في القرآن مفسرا بالقرآن، ووضع تحت هذا العنوان عبارة "وجه جديد في إعجاز القرآن الكريم".
كذلك لا بد لنا قبل أن نبين أوجه الإعجاز أن نفرق بين شيئين:
أولًا: بين إعجاز القرآن في ذاته، وبين تحديه: أي نفرق بين كون القرآن في ذاته معجزًا وبين كونه تحدى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العرب، فالقرآن في ذاته كله إعجاز؛ لأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فمن ثَم فأسراره لا تنتهي وعلومه لا تنقضي فكما أن منزله -سبحانه وتعالى- كما قال أبي العتاهية:
وفي كل شيء له آية... تدل على أنه الواحد
فإن كتابه الأسمى وكلامه الأعظم يجوز لنا أن نقول وفي كل حرف له آية تدل على أنه المعجز، فأما إعجازه في تحديه فهو بيان سبب عجز من أنزل عليهم عن الإتيان بمثله أو معارضته وهم أرباب الفصاحة وأهل البلاغة، بلغوا ذراها وخبروا منتهاها ومع