فهذا يحركه لأن يفعل ما تطلبه، فهذا مثال فهم به قوله تعالى: ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين﴾ أي: إن كنتم مؤمنين اتقوا الله سبحانه وتعالى، على سبيل الإثارة والتهييج والإلهاب والتحريك للتقوى بدافع الإيمان.
أما آية المشيئة ﴿إِن شَاء اللهُ آمِنِين﴾ فهذه يجاب عنها بأشياء كثيرة فمنها: أن ذلك تعليمٌ للعباد كيف يتكلمون إذا أخبروا عن المستقبل أنه إذا أراد أن يتحدث عن المستقبل؛ فعليه أن يُقَدّم المشيئة، ويقول: إنْ شاء الله، ومنها: أن أصل ذلك الشرط، ثُمّ صَارَ يُذكر للتبرك به، أنّ ذَلكَ أصْلُه شرط، ولكنه ذُكر للتبرك بهذا القول الكريم: إن شاء الله.
أو أن المعنى لتدخلن جميعًا إن شاء الله ألا يموت منكم أحد قبل الدخول، يعني: أن ذلك خبر من الله -سبحانه وتعالى- أنّ هؤلاء الصّحب الكِرام سيدخلون المسجد الحرام، ولن يموت أحد قبل هذا الدخول، أو أن هذه العبارة من كلام الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- حين أخبرهم بالرؤيا التي رآها ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ﴾ (الفتح: ٢٧) هذا ما يتعلق بالكلام عن إن الشرطية.
أما "لو" فهي حرفُ شرط في المستقبل إلّا أنّها لا تَجْزِم، فهذا فرق بينها وبين "إن" في العمل وهو أن لولا تجزم وإن تجزم، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ﴾ (النساء: ٩) أي: وليخش الذين إن شارفوا وقاربوا أن يتركوا، وهنا يلجأ إلى القول بالمشارفة على الترك، وليس بالترك الواقع؛ لأنّ الخطاب للأوصياء، وإنما يتوجه إليهم قبل الترك؛ لأنهم بعد تركهم الذرية يكونون أمواتًا؛ فلا يتوجه إليهم خطاب.