نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (الفاتحة: ١ - ٧)، فبين الميم والنون سورة الفاتحة وكذلك صورة ق تجدها على حرفين أيضا.
وأما سادس هذه المعاني: فهو تجانس الألفاظ: وتجانس الألفاظ يكون على سبيل المزاوجة: ﴿يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ (النساء: ١٤٢) ﴿وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ﴾ (الشورى: ٤٠) ﴿هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَان﴾ (الرحمن: ٦٠)، أو من قبيل المناسبة كقوله تعالى: ﴿ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُم﴾ (التوبة: ١٢٧) ﴿تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ﴾ (النور: ٣٧) فهذا من التلاؤم والتناسب بين الكلمات.
أما سابعها: فهو تصريف القصص والأحوال بألفاظ مختلفة وعبارات متنوعة، لو تأملها الغوّاص لعلم أن ما كرر فيها من ألفاظ إنما جاء للطائف وأسرار.
فثامنها: تضمين الحكم والأسرار، فعلى سبيل المثال سورة الفاتحة نصفها الأول يتضمن أحكام الربوبية ونصفها الثاني يقتضي أسباب العبودية، وذلك مثال وكذلك كل ما في القرآن من كلمة؛ إنما هي عبارة عن كنز معان وبحر حقائق، وكما تضمنت آيات القرآن جوامع الأشياء فهناك آية تجمع مكارم الأخلاق كقوله -سبحانه وتعالى-: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين﴾ (الأعراف: ١٩٩)، وهناك آية تجمع حاجات الكائن الحي: ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا﴾ (النازعات: ٣١) وهناك آيةٌ تبين كيف يُساس الناس وما هو مقاصد التشريع، وما الذي يريده الله -سبحانه وتعالى- منهم: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (النحل: ٩٠) هذا جانب تعرّض له العلماء، ولنا معه وقفه ان شاء الله -سبحانه وتعالى- في الآيات الجوامع.