عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} (طه: ١٠٥ - ١٠٧) والأَمت: هو الارتفاع والهبوط، كذلك "ألتنا" بمعنى نقصنا أو أنقصنا: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ (الطور: ٢١).
فهذه الألفاظ ليست بالغريبة؛ لأن سياق الآيات يوضحها ويوضح معناها لهؤلاء الذين يعرفون لغة العرب، وكما قلت: هناك ألفاظ وضحها المولى -سبحانه وتعالى- ككلمة "سجيل"، وكلمة "علييون" فقال المولى -سبحانه وتعالى-: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ (المطففين: ٧ - ٩) وكقوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ (المطففين: ١٨ - ٢٠).
فهذا من وجوه البلاغة في الاستخدام، هذه الألفاظ التي لم تشع على الألسنة إلا قليلًا، إلا أنها وقعت في موقعها، هذا الموقع الحسن على الأذن، وجرت على اللسان مجرًى سهلًا، ثم وضعت في موضع لا يغني غيرها من الألفاظ عنها غناءَها، فناسبت الفواصل، وأدت المعنى على أكمل حال. وقد سبق أن بينت لكم ذلك الجمال في كلمة "ضيزى" بمعنى جائرة في قوله تعالى: ﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ (النجم: ٢٢).
ظاهرة الألفاظ المعرضة
ننتقل الآن إلى الظاهرة الأخرى في مفردات القرآن وهي ظاهرة الألفاظ المعرضة.
ظاهرة الألفاظ المعرضة التي جاءت في القرآن الكريم، والبعض ذكر أنها ألفاظ غير عربية، والبعض تمسك بأنها ألفاظ عربية. هذه المسألة لا بد أن نوضحها.
أولًا: القول بأن القرآن يشتمل على ألفاظ أعجمية، هذه مسألة -كما يقال- مصيبة، يعني: أن ننسب لكتاب الله -عز وجل- ألفاظًا أعجميةً، والله -سبحانه وتعالى- القائل: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ (الشعراء: ١٩٥) والمولى -سبحانه وتعالى- أنكر عليهم قولهم: ﴿أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ (فصلت: ٤٤) فهذا المعنى بالقول: بأن القرآن يشتمل على