حذف الحرف يدخل في باب حذف الكلمة؛ لأن الكلمة اسم وفعل وحرف، فإذا ما تحدثنا عن حذف الحروف فذلك يدخل فيما ذكروه من حذف الكلمة. أما الذي يقصد الحديث عنه الدكتور أبو موسى، فهو حَذْف جزء من الكلمة، وناقش هذه القضية، وعرَض لها نماذج فيها بيان علو قدره في هذا الباب -حفظه الله- واستدل لها بأشياء.
وفي نهاية حديثه ذكر عبارةً جميلةً، ينبغي على طالب العلم أن يضعها في ذهنه؛ لكي يعلم تواضع أهل العلم بعلمهم، وهي قوله: "وليس ثَمة كلام يجب قبوله والإذعان له إلا ما تجده بين دفتي المصحف وما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما عداهما فهو اجتهادات بشر غير معصومين، تأخذ منه ما تأخذ، وتدع منه ما تدع، في حدود الفهم، ولهذا خفت التبعة على الباحثين؛ لأنهم يقولون ما يعالجون في نفوسهم، وللقارئ أن يلقي به جملةً في ساحة الإهمال، وهي جد فسيحة، ولولا هذا لأطبقت الأفواه على الألسنة حتى تيبس؛ لأنه ليس هناك ضمير حي يتحمل إشاعة الخطأ، وبث الضلالة في أرض الله، إلا مَن أذن بحرب من الله، وإني به سبحانه لمن العائذين".
ونحن نكرر كلام شيخنا الذي قاله، فهذه مسألة ينبغي أن نتنبه إليها قبل الخوض في أي مسائل تتعلق بالعلم.
نذكر ما ذكره في مسألة حذف جزء من الكلمة:
يذكر أن هذه المسألة لها أصولٌ في مصنفات السابقين، وأنهم نبهوا عليها كما قال ابن رشيق في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((كفى بالسيف شاه)) أراد شاهدًا، فحذف، وقالوا في تعليل ذلك: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يرد أن يسير هذا الخبر حكمًا شرعيًّا، فقطع


الصفحة التالية
Icon