يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} (الفجر: ١ - ٥) وتقدير الجواب: لتبعثن يا كفارَ مكةَ. وكذلك حذف الشرط: كقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ (آل عمران: ٣١) أي: إن تتبعوني يحببكم الله، وكقوله تعالى: ﴿فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا﴾ (مريم: ٤٣) أي: فإن تتبعني أهدك صراطًا سويًّا. كذلك حذف جواب الشرط، وحذفه قد يكون لمجرد الاختصار، كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ (يس: ٤٥، ٤٦).
كما يكون حذفه للدلالة على أنه شيء لا يحيط به الوصف؛ قصدًا للمبالغة، كقوله تعالى: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ (الزمر: ٧٣) كأنه قيل: قد حصلوا على النعيم المقيم الذي لا يشوبه التنغيص والتكدير، وإنما سار هذا الحذف هنا في مثل هذا أبلغ من الذكر؛ لأن النفس تذهب في كل مذهب، ولو ذُكِرَ الجواب لقصر على الوجه الذي تضمنته العبارة.
ومن حذف المتعلقات أيضًا: حذف المعطوف، كقوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ﴾ (الحديد: ١٠) والتقدير: لا يستوي منكم مَن أنفق من قبل الفتح وقاتل ومَن أنفق من بعده وقاتل، بدليل قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا﴾ (الحديد: ١٠).
هذه وغيرها مما ذكر من حذف المتعلقات أشياء نبه عليها البلاغيون وعدُّوه في مصنفاتهم، وهي من أبواب الإعجاز في القرآن الكريم؛ بسبب أنها تُفهم من السياق، وأنها على طريقة العرب في كلامهم، فيتبينها مَن ينظر في كتاب الله -سبحانه وتعالى-


الصفحة التالية
Icon