- أولًا: أن يكون الغرض إثبات المعنى في نفسه للفاعل من غير نظر إلى شيء وراء ذلك، وهذا موجود في كتاب الله -سبحانه وتعالى- وأمثلته كثيرة. يعني: أمثلته من كلامهم أن تقول: فلان يأمر وينهَى، ويعطي ويمنع، فأنت تريد الإخبارَ عن فلان أنه هو الذي يفعل كذا، ولا تريد الإخبارَ عما يأمر به أو عما ينهى عنه أو ما يعطيه، أو ما يمنعه، ولذلك أنت تثبت المعنى للفاعل، واستدلوا لذلك بآيات عديدة في كتاب الله -سبحانه وتعالى- كقوله تعالى: -ayah text-primary">﴿وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾ (البقرة: ٢٤٥) وقوله تعالى: -ayah text-primary">﴿هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ (الأعراف: ١٥٨) -سبحانه وتعالى- فإثبات الإحياء والإماتة والقبض والبسط لله -عز وجل-.
ومما جاء على ذلك واستدلوا به قولُه تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾ (النجم: ٤٣، ٤٤) ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى﴾ (النجم: ٤٨) فالمعنى: هو الذي منه الإحياء والإماتة والإغناء والإقناء، وهكذا كل موضع كان القصد فيه أن يثبت المعنى في نفسه فعلًا للشيء، أو أن يخبر بأن من شأنه أن يكون منه أو لا يكون إلا منه، أو لا يكون منه، فإن الفعل لا يعدى هناك؛ لأن تعديته تنقض الغرض وتغير المعنى، كقول الله -سبحانه وتعالى-: ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ (البقرة: ٢٥٨) أي: يكون منه الإحياء وتكون منه الإماتة من غير النظر إلى مَن أحياه الله وإلى مَن أماته. وكقوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الزمر: ٩) أي: هل يستوي من يكون منه العلم ومن لم يكن منه العلم من غير النظر إلى معلوم؟
ويقول الزمخشري في قوله تعالى: ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ﴾ (البقرة: ١٧) والمفعول الساقط مِن: ﴿لَا يُبْصِرُونَ﴾ من قبيل المتروك المطروح الذي لا يُلتفت إلى إخطاره بالبال، لا مِن قبيل المقدر المنوي، كأن الفعل غير متعد أصلًا، نحو: ﴿يَعْمَهُونَ﴾ في قوله تعالى: ﴿وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ (الأنعام: ١١٠).