الكريمة من قسم. وأحيانًا يكون الجواب مؤكدًا لأحوال الإنسان: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ (العاديات: ٦ - ٨). ومن لطائف القسم التي أشار إليها المفسرون قوله -سبحانه وتعالى: ﴿وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ (الضحى: ١ - ٣) فيقول: تأمل مطابقة هذا القسم، وهو نور الضحى الذي يوافي بعد ظلام الليل المقسم عليه، وهو نور الوحي الذي وافاه بعد احتباسه عنه، حتى قال أعداؤه: ودع محمدًا ربُّه!! فأقسم بضوء النهار بعد ظلمة الليل على ضوء الوحي ونوره بعد ظلمة احتباسه واحتجابه عنه -صلوات الله وسلامه عليه.
من الأساليب التي استخدمت في التوكيد أيضًا استخدام ضمير الفصل، أو ما يسمى عند الكوفيين بضمير العماد، وهو الضمير الذي يَفصل بين المبتدأ والخبر، أو ما أصله المبتدأ والخبر. مثال الفصل بين المبتدأ والخبر: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الأعراف: ١٥٧) ومثال الفصل بين ما أصله المبتدأ والخبر: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ﴾ (الأعراف: ٩٢) وقوله -سبحانه وتعالى: ﴿كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ﴾ (المائدة: ١١٧) وقوله -سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ (ص: ٣٥) وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾ (الصافات: ٧٧) فتلاحظ أن الضمير في هذه الآيات وقع بين اسم إنَّ وخبرها، وكلاهما في الأصل مبتدأ وخبر، واسم كان وخبرها، وكذلك أيضًا أصلهما مبتدأ وخبر، ومفعولي جعل وهي من الأفعال الناصبة لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، فهذا الضمير الذي يؤتَى به للفصل، أي: لا يشغل محلًّا إعرابيًّا في الجملة، فيكون ما قبله وما بعده يعربان على أنهما ركنَا الجملة، أو ما حل محل الركنين في باب ظن وأخواتها.