في إنَّ وأخواتها، تأمل قول الله -سبحانه وتعالى: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ (يوسف: ٤) فلما قال: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ﴾ ثم طال الفصل كان الأحسن أن يعيد لفظ الرؤية، فيقول: ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ فليس هذا من التكرير وإنما هو من حسن إعادة اللفظ؛ لأجل الفصل.
الضرب الثاني من التكرير في اللفظ والمعنى -وهو غير المفيد- قلنا: إن ذلك لا مكانَ له في القرآن، وإنما يلتمسوه من أقوال الشعراء كقول أبي نواس:
أقمنا بها يومًا ويومًا وثالثًا | ويومًا له يوم الترحل خامسُ |
وقول الآخر:وقلقلتُ بالهم الذي قَلقلَ الحَشَا | قلاقل عِيسٍ كلهن قلاقلُ |
فهذا من التكرير الذي لا فائدةَ منه، ولا معنى لذكره، ويُعاب الشاعرُ به. أما النوع الثاني من التكرير: وهو التكرير في المعنى دون اللفظ، وينقسم أيضًا إلى قسمين؛ مفيد وغير مفيد. والأول -المفيد- نوعان: إذا كان التكرير في المعنى يدل على معنيين مختلفين، وذلك كما في الحديث في قول حاطب بن أبي بلتعةَ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: "وما فعلت ذلك كفرًا ولا ارتدادًا عن ديني، ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام". فيظن البعض أن ذلك تكرير لا فائدةَ فيه، فإن الكفر والارتدادَ عن الدين سواء، وكذلك الرضا بالكفر بعد الإسلام، والأمر ليس كذلك، فالذي يدل عليه اللفظ هو: أني لم أفعل ذلك وأنا كافر، في الأولى عندما قال: "ما فعلتُ ذلك كفرًا" وفي الثانية: "ولا