لها العلماء لبيان الفروق في ذكر القصة وما يدور حولها. عمومًا مسألة التكرار هي ظاهرة اجتهد العلماء في بيانها، وإظهارها وإظهار ما فيها. ونختم الكلام عنها بهذه اللآلئ من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في حديثه عن هذه الظاهرة توضح أمرًا يجب التنبه إليه. يقول: "قال ابن قتيبة: تكرار الكلام في ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ (الكافرون: ١) لتكرار الوقت، وذلك أنهم قالوا: إن سرك أن ندخل في دينك عامًا فادخل في ديننا عامًا، فنزلت هذه السورة".
يقول شيخ الإسلام: "قلت: هذا الكلام الذي ذكره بإعادة اللفظ وإن كان كلام العرب وغير العرب، فإن جميع الأمم يؤكدون إما في الطلب، وإما في الخبر بتكرار الكلام، ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم: ((والله لأغزون قريشًا، ثم والله لأغزون قريشًا، ثم والله لأغزون قريشًا))، ثم قال: ((إن شاء الله)) ثم لم يغزهم، يقول: هذا في كلامهم لكن ليس في القرآن من هذا شيء، فإن القرآن له شأن اختص به لا يشبه كلام البشر، ولا كلام نبي، ولا غيره وإن كان نزل بلغة العرب، فلا يقدر مخلوق أن يأتي بسورة، ولا ببعض سورة مثله. فليس في القرآن تكرار للفظ بعينه عقب الأول قط، وإنما في سورة الرحمن خطابه سبحانه وتعالى بذلك بعد كل آية لم يذكر متواليًا، وهو نمط من أرفع الأساليب في الذكر فقد شبهوا ما في سورة الرحمن بقول القائل لمن أحسن إليه، وتاب عليه بالأيادي وهو ينكرها ويكفرها: ألم تك فقيرًا فأغنيتك أفتنكر هذا؟! ألم تك عريانًا فكسوتك أفتنكر هذا؟! ألم تكن خاملًا فعرفتك ونحو ذلك، وهو أقرب من التكرار المتوالي".
كأن الإمام في خلاصة كلامه يؤكد ما أكد في بداية كلامنا أن عليك أن تبحث عن السر في التكرار، وأن هذا ليس من التكرار الذي هو على عادة كلام العرب؛ لأن هناك فواصل بين الآيات وبين العبارة التي كررت، وعليك أن تبحث في أساليب البيان، وفي براعة استخدامها.