﴿فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا﴾ (القصص: ١٩)، الكلام عن موسى -عليه السلام- فيقول: فقال -أي النحوي: إن "أن" الأولى زائدة ولو حذفت فقيل: فلما أراد أن يبطش لكان المعنى سواء ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ﴾ (يوسف: ٩٦)، وقد اتفق النحاة على أن "أنْ" الواردة بعد لما وقبل الفعل زائدة".
أولًا للإنصاف هذه العبارة التي ذكرها ابن الأثير لا نستطيع أن نسلم بها أن قالها نحوي من النحويين الذين يعتمد على كلامهم، بمعنى أنه يذكر أنه قال له: "لكان المعنى سواء" لم يقل أحد من النحويين أبدًا المعتمد على كلامهم من أهل هذه الصنعة أن المعنى بوجود الحرف، وبعدم وجوده سواء، فأما كونهم ذكروا أن أن الواردة بعد لما وقبل الفعل زائدة فهذا حق بمصطلح الزيادة الذي هو عندهم. يقول ابن الأثير: "فقلت له: النحاة لا فتيا لهم في مواقع الفصاحة والبلاغة، ولا عندهم معرفة بأسرارهما من حيث إنهم نحاة، ولا شك أنهم وجدوا "أن" ترد بعد "لما" وقبل الفعل في القرآن وفي كلام الفصحاء العرب، فظنوا أن المعنى بوجودها كالمعنى إذا أُسقطت، فقالوا: هذه زائدة وليس الأمر كذلك بل إذا وردت لَمّا وورد الفعل بعدها بإسقاط أنْ دل ذلك على الفور، وإذا لم تسقط لم يدلنا ذلك على أن الفعل كان على الفور، وإنما كان فيه تراخ وإبطاء".
ثم يعقب قائلًا: "وبيان ذلك من وجهين؛ أحدهما: أني أقول: فائدة وضع الألفاظ أن تكون أدلة على المعاني، فإذا وردت لفظة من الألفاظ في كلام مشهود له بالفصاحة والبلاغة، فالأولى أن تحمل تلك اللفظة على معنى، فإن لم يوجد معنى بعد التنقيب، والتنقير، والبحث الطويل قيل: هذه زائدة دخولها في الكلام كخروجها منه، ولما نظرت أنا في هذه