هنا كلمة ﴿شَاهِدِينَ﴾ وهي مشتق يعمل عمل الفعل، والمعمول كلمة حكمهم فهي متقدمة على عاملها. بقي أن نشير إلى أنهم لم يعرضوا هذا الكلام، ولم يتكلموا فيه، وعلى تركه دون بيان بل إنهم كانوا يوضحون أحيانًا السر في هذه الزيادة، ويتحدثون عن الغرض البلاغي، وكثير منهم ينص على أن هناك فرقا بين وجودها وعدم وجودها، وكثير من البلاغيين يأخذون عن توجيهات النحويين وكلامهم في هذه المسائل.
فنختم للتطبيق على قضية الزيادة بين النحاة والبلاغيين بكلام رائد من رواد البلاغة في العصر الحديث، وهو أستاذنا الدكتور أحمد أحمد بدوي في كتابه (من بلاغة القرآن) يقول: "أحصى النحاة ما ورد في القرآن الكريم من كلمات زائدة، وحصروها في خمسة عشر لفظًا، هي إذ في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (البقرة: ٣٠)، وإذا في قوله تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ (الانشقاق: ١)، وإلى في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ (إبراهيم: ٣٧)، في رواية من قرأ تهوى بفتح الواو "تهوَى إليهم" أي تهواهم، وأم في قوله تعالى: ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْم أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾ (الزخرف: ٥١، ٥٢)، والتقدير: أفلا تبصرون أنا خير.
وإن في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾ (الأحقاف: ٢٦)، وأن في قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ﴾ (العنكبوت: ٣٣)، وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ (يوسف: ٩٦)، وقوله


الصفحة التالية
Icon