أولًا: قضية الصرفة عمومًا يبطلها أن العرب حاولوا الإتيان بمثل القرآن؛ يعني القائل بالصرفة هذا يلزمه أن يُثبت تاريخيّا أنه لم يحاول أحد أن يعارض القرآن أو أن يقول مثل القرآن؛ لأن الله صرفهم، فلو كان الله -سبحانه وتعالى- صرفهم عن قول القرآن أو عن محاكاة القرآن لما رأينا في الكتب المحاولات التي كانت من مسيلمة في ادعائه قرآنًا وغير ذلك من المحاولات التي وردت عن بعض الملاحدة والزنادقة، وقد أسهب وذكر ذلك شيخنا مصطفى صادق الرافعي في كتابه (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية) ذكر قصص والمحاولات التي وردت في معارضة القرآن.
فإذًا القول بالصرفة يبطل بشهادة التاريخ، كما يقال: أن الناس حاولوا أن يُعارضوا القرآن ولكنهم لم يصلوا إلى ذلك، فلو كانت المسألة صرفة ابتداءً لما سمعنا أن أحدًا حاول أن يعارض القرآن، فهم حاولوا ولكنهم عجزوا وفشلوا، حتى المحاولات قائمة إلى عصرنا هذا، وما نبأ ما ذُكر عبر الإنترنت وغير ذلك ممن حاولوا أن يبدّلوا ويغيروا في القرآن، وأن يأتوا بأشياء يلبّسون بها على من لا صلة لهم بالقرآن، ممن ينتسبون إلى دين الإسلام، ويلبِسون الحق بالباطل، وهذه المحاولات مستمرة حتى يومنا هذا.
ثانيا: ذكر الدكتور أحمد بدوي في كتابه (من بلاغة القرآن) عبارة صريحة، قال: قال النظام: إن الله تعالى ما أنزل القرآن ليكون حجة على النبوة، بل هو كسائر الكتب المنزلة لبيان الأحكام من الحلال والحرام، والعرب إنما لم يعارضوه لأن الله تعالى صرفهم عن ذلك.
هذه العبارة واضحة في أن النظام ذكر الصرف بالمعنى المذموم صراحةً، ولكن هذه العبارة لا نستطيع أن نجزم بنسبتها إلى النظّام، حتى إن أستاذنا أستاذ أحمد


الصفحة التالية
Icon