وقوله تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ (البقرة: ٢٨٥)، فالإيمان بالله والملائكة والكتب والرسل من جنس الإيمان الذي آمن به رسولنا الكريم والمؤمنون برسالته. وقوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ (سبأ: ٢)، فكل ما عطف يندرج تحت علم الله سبحانه وتعالى، ولا بد في عطف المفردات من وجود الجهة الجامعة، والتناسب بينهما، كما هو حاصل في الآيات الكريمة التي قرئت. وقد جرى الاستعمال القرآني على ألا يعطف بعض الصفات على بعض، إلا إذا كان بينهما تضاد. يقول المولى سبحانه وتعالى: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ (التحريم: ٥)، فتلاحظ أن الصفات جميعها لم تقترن بالواو إلا في قوله تعالى: ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ للتنويع ورفع التناقض، ودفع توهم من يستبعد ذلك.
وكذلك في قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ (الحشر: ٢٣، ٢٤) فكلها ذكرت دون الواو؛ فلم يقل: الملك والقدوس والسلام... إلى آخره وإنما لم تستخدم الواو في هذا الموضع من تعدد الصفات؛ لأنها تندرج تحت تناسب وتحت معنى واحد، وهو أسماء الله الحسنى وصفاته العليا جل في علاه؛ فلما تضادت الصفات عطفت بالواو كقوله تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ (الحديد: ٣).