والجملة التي تأتي في عقب الكلام مؤكدة له، والتي تتكاثر في القرآن قد ترد بالواو كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ (النمل: ٣٤).
نجد أمثال هذا في القرآن يأتي بغير الواو كثيرًا، وقد آذنت هذه الواو أن ذلك عادة من عاداتهم، ووجه هذه الدلالة أن الواو تشير إلى المغايرة، فكأنهم يفعلون ذلك، ويفعلون مثله، وقد جاء قوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ (الشعراء: ١٥٣، ١٥٤)، من غير واو في حكاية ما قالته ثمود لصالح -عليه السلام، وجاء في حكاية ما قاله أصحاب الأيكة لشعيب: ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * ومَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ (الشعراء: ١٨٥، ١٨٦) بالواو". هذا أول ما نبه إليه أستاذنا في ورود بعض الأساليب التي نصوا على أنها يجب فيها الفصل جاءت موصولة بالواو؛ ولذلك يقول: "هذا هو كمال الاتصال بشعبه الثلاثة: التوكيد والبيان والبدل، وهو حال من أحوال الفصل وإن كنا نراه والذي يليه حالا من أحوال الوصل؛ لأن الوصل في الحقيقة وصلان: وصل ظاهر بحرف الوصل، ووصل خفي تتصل فيه الجملة من ذات نفسها، وهو أقوى الوصلين".
ويعقب أيضًا على ما ذكر في شبه كمال الانقطاع، يقول: "أما شبه كمال الانقطاع، فهو أن تكون الجملة الثانية بمنزلة المنقطعة عن الأولى يعني: أنها صالحة لأن تعطف، ولكن عطفها عليها يوهم عطفها على غيرها، فيلتبس المعنى وحينئذٍ يجب القطع، فيقول: قد نبهوا إلى أن هذه السور يمكن أن تكون من شبه كمال الاتصال، وبذلك يبقى شبه كمال الانقطاع بابًا فارغًا من أي شاهد، وهذا هو الوجه الذي نرضاه".