كانت الجملة الاسمية الواقعة حالًا المبتدأ فيها هو الضمير الذي يعود على صاحب الحال، ضمير ذي الحال يعني: صاحب الحال، فيتعين هنا وجود الواو، ولا يصلح البتة عدم الربط بالواو، وهذا مُشاهد واضح في كتاب الله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ﴾ (البقرة: ٢٤٣) ﴿فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيم﴾ (الصافات: ١٤٢) ﴿وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ﴾ (هود: ٥٢) ﴿وَأَنتُم مِّعْرِضُون﴾ (البقرة: ٨٣) ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيم﴾ (النحل: ٥٨) ﴿وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِين﴾ (المائدة: ١١٤) ﴿وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُون﴾ (التوبة: ٥٤) وغيرها كثير في كتاب الله عندها يتعين الربط بالواو إذا كان المبتدأ ضميرًا يعود على صاحب الحال.
والحكم الثالث في الجملة الاسمية هو: "أنه إن كان الخبر في الجملة من المبتدأ والخبر ظرفًا، ثم كان قد قُدّم على المُبتدأ كثر فيها أن تجيء بغير الواو، يقصد إذا كانت جملة الحال مكونة من مبتدأ وخبر، الخبرُ فيها شبه جملة؛ فمُصطلح الظرف يُطلق تجاوزًا على الظرف على الحقيقة، وعلى الجَارّ والمجرور، أي: الخبر شبه الجملة؛ فإذا قُدّم الخبر شبه الجملة على المبتدأ كثر فيها أن تجيء بغير الواو، وذلك أيضًا مشاهد في كتاب الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ (البقرة: ٢٤٨) ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ جملة اسمية في موضع حال، ولم تربط بالواو وخبرها شبه الجملة المقدم فيه، والمبتدأ فيها كلمة "سكينة" التي هي مبتدأ مؤخر.
كذلك ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ﴾ (آل عمران: ٩٦ - ٩٧) كذلك ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ (النساء: ٥٧) ﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللهِ﴾ (المائدة: ٤٣) ﴿فِيهَا حُكْمُ اللهِ﴾ جملة اسمية في موضع نصب حال، وخبرها "فيها" شبه جملة خبر مقدم.
﴿وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ﴾ (المائدة: ٤٦) كالآية السابقة ﴿ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ﴾ (الحج: ٩) فجملة: ﴿لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ﴾ جملة حالية وخبرها شبه الجملة المقدم "له" ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ (الحج: ٣٦) ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ أيضًا جملة اسمية في موضع نصب حال، وخبرها شبه الجملة المقدم لكم، وخير مبتدأ مؤخر.
وكذلك ﴿وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيد﴾ (ق: ٢١) ﴿مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيد﴾ ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَان * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَان﴾ (الرحمن: ١٩ - ٢٠) "بينهما" شبه جملة خبر مقدم و"برزخ" مبتدأ مؤخر، والجملة في موضع نصب حال ﴿وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَام * فِيهَا فَاكِهَةٌ﴾ (الرحمن: ٩ - ١٠) {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ