وانتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الجملة الحالية إذا وقعت جملة فعلية فوضع أيضًا نقاط:
الأولى: إن كان الفعل مضارعًا مثبتًا غير منفي، لم يكد يجيء بالواو؛ سواء كان الفعل لذي الحال، يعني صاحب الحال، كقولهم: جاءني زيد يُسرع، أو لمن هو من سببه، كقولهم جاءني زيد يسعى غلامه بين يديه.
وقال: وعليه التنزيل والكلام، وهذا واضح في كتاب الله سبحانه وتعالى، كقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِر﴾ (المدَّثر: ٦) وقوله سبحانه: ﴿الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى﴾ (الليل: ١٨) وقوله سبحانه: ﴿وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون﴾ (الأعراف: ١٨٦) وقوله سبحانه: ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ﴾ (مريم: ٢٧) وقوله سبحانه: ﴿نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ (الأنبياء: ٤٤) فهذه الجمل "تستكثر" و"يتزكى" و"يعمهون" و"تحمله" و"ننقصها" جمل فعلية في موضع نصب حال، ولم تربط بالواو.
ولكنه مع ذلك قد جاءت آيات في كتاب الله -سبحانه وتعالى- الحال فيها جملة فعلية، ورُبطت بالواو، وقد عَقّب الجرجاني بقوله: "ولم يكد يجيء بالواو، وهذا خلاف ما نراه في النصوص القرآنية التي أحصاها الشيخ عضيمة في كتابه، ولكننا للإنصاف نقول: إن معظم النصوص، وأغلبها التي استشهد بها الشيخ عضيمة، تحتمل غير الحالية، بمعنى أنها ليست نصًّا في الحال، وإنْ كان المفسرون أجازوا فيها الحالية.
ورُبّما ذكر الجرجاني ذلك بناء على القاعدة المشهورة: ما يتطرق إليه الاحتمال يسقط به الاستدلال". فلذلك لم يعد ما ورد من ذلك في كتاب الله -سبحانه وتعالى- مع كثرته أنه من باب مجيء الحال جملة فعلية، فعلها مضارع مثبت، ومع ذلك مقترنة أو