بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث(أوجه إعجاز القرآن الكريم: حفظ التشري ع ودوامه)
نظم القرآن
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد؛ وبعد:
كنا قد انتهينا من الحديث عن الصرفة والغيبيات باعتبارهما من وجوه إعجاز القرآن الكريم التي تناولها من تناول قضية الإعجاز، وبينا فيها الكلام في النقطتين.
واليوم إن شاء الله -سبحانه وتعالى- نشرع في تفاصيل الكلام فيما ذكروه من أوجه إعجاز القرآن الكريم، وعندنا عنوان عام وهو "التشريع؛ دوامه وحفظه" أي هذا التشريع الرباني الذي شرعه الله لعباده في كتابه الأعظم القرآن الكريم يمتاز بميزتين عظيمتين:
الأولى: هي أنه دائم بمعنى أن دوام هذا التشريع طيلة الدهور إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، هو في حد ذاته آية من آيات إعجاز هذا الكتاب الكريم.
والثانية: حفظ هذا التشريع، الذي هو حفظ كتاب الله -سبحانه وتعالى-: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر: ٩) فإن الله -سبحانه وتعالى- تكفّل بحفظ كتابه، والله -سبحانه وتعالى- كذلك كتب لكتابه الدوام، وهذا الذي جعل العلماء يفكّرون فيما يخصّ هذا الكتاب العزيز من أشياء أدت إلى هاتين الخاصيتين العظيمتين؛ خاصية الدوام وخاصية الحفظ.
من هنا كان الانطلاق في موضوعنا اليوم، فيا ترى هل يرجع ذلك إلى نظم القرآن أم إلى قدسيته أم إلى إعجازه اللغوي أم إعجازه العلمي أم الإعجاز العددي الموجود في ثناياه أم التصوير الذي هو سمةٌ تكاد تكون أصلًا في عبارات القرآن وألفاظه، وتكاد تكون هي الأساس الذي يُبنى عليه التعبير في كثير من النصوص، إذا ما نحينا جانب التشريع، فكل ذلك طُرح ونوقش في هذه المسألة.
ونتناول الآن نقطةً نقطةً من هذه النقاط، ونقتصر على ثلاث مما ذكرت نقتصر في كلامنا على نظمه وعلى قدسيته وعلى إعجازه اللغوي.