بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الثامن
(انفجار الكون في بداية الخلق - خلق السموات والأرض)
المفسرون وقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السموات وَالْأَرْضَ كَانَتَا رتقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السموات وَالْأَرْضَ كَانَتَا رتقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ (الأنبياء: ٣٠) ماذا يقول المفسرون في هذه الآية؟
أولًا: يقول الفخر الرازي: "اختلف المفسرون في المراد من الرتق والفتق على أقوال: أحدها: وهو قول الحسن، وقتادة، وسعيد بن جبير، ورواية عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهم- أن المعنى كانتا شيئًا واحدًا، ملتزقتين ففصل الله بينهما ورفع السماء إلى حيث هي وأقر الأرض، وهذا القول يوجب أن خلق الأرض مقدم على خلق السماء؛ لأنه تعالى لمَّا فَصَل بينهما ترك الأرضَ حيث هي، وأصعد الأجزاء السماوية. قال كعب: خلق الله السموات والأرض ملتصقتين، ثم خلق ريجًا توسطتهما ففتقهما بها، وثانيها: وهو قول أبي صالح، ومجاهد: أن المعنى كانت السموات ملتفقة فجعلت سبع سماوات، وكذلك الأراضون.
وثالثها: وهو قول ابن عباس، والحسن، وأكثر المفسرين: أن السموات، والأرض كانتا رتقًا بالاستواء والصلابة، ففتق الله السماء بالمطر، والأرض بالنبات والشجر، ونظيره قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ (الطارق: ١١، ١٢) ورجحوا هذا الوجه على سائر الوجوه لقوله بعد ذلك: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ (الأنبياء: ٣٠) وذلك لا يليق إلا وللماء تعلق بما تقدم، ولا يكون كذلك إلا إذا كان المراد ما ذكرنا؛ فإن قيل: هذا الوجه مرجوح؛ لأن المطرَ لا ينزل من السموات، بل من سماء واحدة وهي


الصفحة التالية
Icon