ونتقبل النظريات الفلكية التي لا تخالف هذه الحقيقة المجملة التي قرَّرَها القرآن، ولكننا لا نجري بالنص القرآني +وراء أية نظرية فلكية، ولا نطلب تصديقًا للقرآن في نظريات البشر، وهو حقيقة مستيقنة، وقصارى ما يقال: إن النظرية الفلكية القائمة اليوم لا تُعَارِضُ المفهوم الإجمالي لهذا النص القرآني السابق عليها بأجيال+". انتهى كلام المرحوم سيد قطب من (ظلال القرآن) جزء ٤ صـ ٢٣٧٦ طبعة دار الشروق.
يقول الدكتور زغلول النجار عن هذه الآية: "في الوقت الذي ساد المجتمعات البشرية الاعتقاد الخاطئ بأزلية الكون بلا بداية ولا نهاية، وعدم محدوديته إلى ما لا نهاية، وسكونه وثباته، أي: عدم حركتِهِ على الرغم من حركة بعض الأجرام فيه. بمعنى: أن هذا الكون اللانهائي الساكن كان موجودًا منذ الأزل، وسيبْقَى إلى الأبد، وهي فريةٌ أطلَقَهَا الكفارُ والملحدون من بني البشر في محاولةٍ يائسة لنفي الخلق، والتنكر للخالق -سبحانه وتعالى- في هذا الوقت نزل القرآن الكريم موجهًا أنظار هؤلاء الجاحدين من الكفار، والمشركين، والوثنيين إلى طلاقة القدرة الإلهية في إبداعِ خلقِ الكون من جرم ابتدائي واحد، وذلك في صيغةِ استفهام توبيخي استنكاري تقريعي. يقول فيه ربنا سبحانه+: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السموات وَالْأَرْضَ كَانَتَا رتقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾.
هذه الآية الكريمة واضحة الدلالة على أن الكون الذي نحيا فيه كونٌ مخلوقٌ له بداية، بدأ الله خَلْقَه من جرم ابتدائي واحد "مرحلة الرتق" وهو القادر على كل شيء، ثم أمر الله تعالى بفتقِ هذا الجرم الابتدائي فانفتق، وهذه مرحلة الفتق، وتحول إلى سحابة من الدخان "مرحلة الدخان" وخلق الله تعالى من هذا الدخان كلًّا من الأرض والسماء، أي: جميع أجرام السماء، وما ينتشر بينها من مختلف