ففي سنة ١٩١٧ م أطلق "ألبرت أينشتين" نظرية النسبية العامة لشرح طبيعة الجاذبية كقوة مؤثرة في الكون المدرك، وأشارت المعادلات الرياضية المستنتجة من تلك النظرية إلى أن الكون الذي نحيا فيه كون غير ثابت فهو إما أن يتمدد. وإما أن ينكمش وفقًا لعدد من القوانين المحددة له، وجاءت هذه النتيجة على عكس ما كان يعتقد "أينشتين"، وجميع معاصريه من الفلكيين، وعلماء الفيزياء النظرية، ولقد أصاب أينشتين الذعر حينما أدرك أن معادلاته تنبئ رغم أنفه بأن الكون في حالة تمددٍ مستمرٍّ؛ فعمد إلى إدخال معامل من عنده أطلق عليها اسم الثابت الكوني ليلغي به تمدد الكون، ويؤكد ثباته، واستقراره برغم دوران الأجرام التي يحتويها وحركاتها المتعددة، ثم عاد "أينشتين" ليعترفَ أمام سيلِ ملاحظات الفلكيين عن تمدد الكون بأن تصرفه هذا كان أكبر خطأ علمي اقترفه في حياته.
في السنوات من ١٩١٧ إلى ١٩٢٤ م قام الروسي "إلكسندر فريدمان" بإدخال عدد من التحسينات على معادلات "أينشتين" وقدم نموذجين لتفسيرِ نشأة الكون يبدأ كلٌّ منهما بحالةٍ متفردةٍ تتميز بكثافة لا نهائية، وتمدد منها إلى حالات ذات كثافة أقل، وتحدث "فريدمان" عن انحناء الكون، وعن تحدبه تبعًا لكمية المادة الموجودة فيه؛ فإن كانت تلك المادة أقل من قدر معين وجب أن يستمر تمدد الكون إلى الأبد، وفي هذه الحالة يكون نظام الكون مفتوحا أما إذا كانت كمية المادة بالكون أقل من المادة التي هي أقل التي يسمونها الكمية حرجة غدت الجاذبية على قدر من القوة؛ بحيث تجذب الكون إلى درجةٍ تتوقف عندها عملية التمدد في لحظةٍ معينةٍ من المستقبل؛ عندها يبدأ الكونُ في الانطواء على ذاتِهِ؛ ليعود إلى حالة الكثافة اللانهائية الأولى التي بدأ بها. وفي هذه الحالة يكون نظام الكون مغلقًا.


الصفحة التالية
Icon