بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس التاسع
(شرح قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ... ﴾)
المفسرون وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ... ﴾
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
سنشرح قول الله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (فصلت: ١١).
سنبدأ أولًا بمعرفة أقوال المفسرين في هذه الآية، يقول الألوسي: قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾؛ أي: قصد إليها وتوجه دون إرادة تأثيرها في غيرها؛؛ أي: ثم استوى إلى خلق السماء.
قوله: ﴿وَهِيَ دُخَانٌ﴾ يقول الألوسي: وأيًّا ما كان فليس الدخان كائنًا من النار التي هي إحدى العناصر؛ لأنها من توابع الأرض ولم تكن موجودة إذ ذاك.
قوله: ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا﴾؛ أي: بما خلقت فيكما من المنافع، فليس المعنى على إتيان ذاتهما وإيجادهما، بل إتيان ما فيهما مما ذكر بمعنى إظهاره، وخص الاستواء بالسماء مع أن الخطاب المترتب عليه متوجه إليهما معًا، اكتفاءً بذكر تقدير الأرض، وتقدير ما فيها.
قوله: ﴿طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ تمثيلًا لتحتم تأثير قدرته تعالى فيهما، واستحالة امتناعهما من ذلك لا إثبات الطوع والكره لهما، وهما مصدران وقعا موقع الحال؛ أي: طائعتين أو كارهتين.
وقوله تعالى: ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾؛ أي: منقادين تمثيلًا لكلام تأثرهما عن القدرة الربانية، وحصولهما كما أمرا به وتصويرًا لكون وجودهما كما هما عليه، جاريًا على مقتضى الحكمة البالغة، فإن الطوع منبئ عن ذلك والكره موهم لخلافه، وقيل: طائعين وقيل: طائعين بجمع المذكر السالم مع اختصاصه بالعقلاء باعتبار كونهما في معرض الخطاب والجواب، ولا وجه للتأنيث عند إخبارهم عن أنفسهم لكون التأنيث بحسب اللفظ فقط. انتهى كلام الألوسي.


الصفحة التالية
Icon