مصدر القوة التي صنعنا بها هذه الأعمال العظيمة، ونوقن أنها ليست قوتنا الذاتية؛ إنما هي كانت هكذا؛ لأنها متصلة بالقوة العظمى ويا للرضا ويا للسعادة ويا للراحة ويا للطمأنينة التي تغمر قلوبنا يومئذٍ في رحلتنا القصيرة على هذا الكوكب الطائع الملبي السائر معنا في رحلته الكبرى إلى ربه في نهاية المطاف.
ويا للسلام الذي يفيض في أرواحنا ونحن نعيش في كون صديق كله مستسلم لربه، ونحن معه مستسلمون لا تَشِذُّ خطانا عن خطاه، ولا يعادينا ولا نعاديه؛ ولأننا معه في الاتجاه وصدق الله العظيم حينما قال: ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾. انتهى الكلام من (ظلال القرآن) للسيد قطب.
هذا ما قاله بعض المفسرين عن هذه الآية، نأتي بعد ذلك ماذا قال أصحاب التفسير العلمي الحديث في هذه الآية عن دخانية السماء عن الفيزياء الفلكية والدخانية في الكون، عن تصوير الدخان الكوني عن انتشار مختلف صور الطاقة بالكون، عن وحدة القوى بالكون؛ هذا ما سنبينه في هذا الدرس إن شاء الله.
في الثلث الأول من القرن العشرين لاحظ الفلكيون عملية توسيع الكون، التي دار من حولها جدل طويل حتى سلم العلماء بحقيقتها، وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى تلك الحقيقة من قبل ألف وأربعمائة سنة بقول الحق سبحانه: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ (الذاريات: ٤٧)، وكانت هذه الآية الكريمة قد نزلت والعالم كله ينادي بثبات الكون وعدم تغيره.
وظل هذا الاعتقاد سائدًا حتى منتصف القرن العشرين حين أثبتت الأرصاد الفلكية حقيقة توسع الكون، وتباعد مجراته عنا، وعن بعضها البعض بمعدلات تقترب أحيانًا من سرعة الضوء المقدرة بنحو ثلاث مائة ألف كيلو متر في الثانية.