طويلة، ومع التبرد انخفضت درجة حرارة الكون إلى آلاف قليلة من الدرجات المطلقة، حين بدأت ذرات العناصر في التكون والتجمع، وبدأ الدخان الكوني في التكدس على هيئة أعداد من السدم الكونية الهائلة، ومع استمرار عملية الاتساع والتبرد في الكون، بدأت أجزاء من تلك السدم في التكثف على ذاتها بفعل الجاذبية، وبالدوران حول نفسها بسرعات متزايدة بالتدريج، حتى تخلقت بداخلها كتل من الغازات المتكثفة، ومع استمرار دوران تلك الكتل الكثيفة في داخل السدم، بدأت كميات من غازي الإدروجين والهليوم الموجودة بداخلها في التكدس على ذاتها بمعدلات أكبر، مما أدى إلى مزيد من الارتفاع في درجات حرارتها، حتى وصلت إلى الدرجات اللازمة؛ لبدء عملية الاندماج النووي، فتكونت النجوم المنتجة للضوء والحرارة.
وفي النجوم الكبيرة الكتلة استمرت عملية الاندماج النووي؛ لتخليق العناصر الأعلى في وزنها الذري بالتدرج مثل الكربون والأكسجين، وما يليهما حتى يتحول لب النجم بالكامل إلى الحديد، فينفجر هذا النجم المستعر على هيئة المستعر الأعظم، وتتناثر أشلاء المستعرات العظمى وما بها من عناصر ثقيلة في داخل المجرة؛ لتتكون منها الكواكب والكويكبات بينما يبقى منها في غازات المجرة ما يمكن أن يدخل في بناء نجم آخر بإذن الله.
وتحتوي شمسنا اليوم على نحو ٢ % من كتلتها للعناصر الأثقل في أوزانها الذرية، من غازي الإدروجين والهليوم، وهما المكونان الأساسيان لها، وهذه العناصر الثقيلة لم تتكون كلها بالقط في داخل الشمس، بل جاءت إليها من بقايا انفجار بعض من المستعرات العظمى.
وعلى الرغم من تكدس كل من المادة والطاقة في أجرام السماء، مثل النجوم وتوابعها، فإن الكون المدرك يبدو لنا متجانسًا على نطاق واسع في كل الاتجاهات، وتحده خلفية إشعاعية متساوية حيثما نظر الراصد.


الصفحة التالية
Icon