وأرباعه، وعدد سجداته والتعليم عند كل عشر آيات إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة، والآيات المتماثلة من غير تعرض لمعانيه. ولا تدبر لما أودع فيه فسموا القراء، واعتنى النحاة بالمعرب منه، والمبني من الأسماء والأفعال والحروف العاملة وغيرها، وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الأفعال واللازم والمتعدي، ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به.
حتى إن بعضهم أعرب مشكله وبعضهم أعربه كلمة كلمة، واعتنى المفسرون بألفاظه، فوجدوا منه لفظًا يدل على معنى واحد، ولفظًا يدل على معنين، ولفظًا يدل على أكثر، فأجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه، وخاضوا في ترجيح أحد محتملات ذي المعنيين والمعاني. وأعمل كل منهم فكره، وقال بما اقتضى نظره، واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة القطعية، والشواهد الأصلية والنظرية مثل قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ (الأنبياء: ٢٢) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة. فاستنبطوا منها أدلة على وحدانية الله ووجوده وبقائه وقِدمه وقدرته وعلمه وتنزيهه عما لا يليق به، وسموا هذا العلم بأصول الدين، وتأملت طائفة منهم معاني خطابه فرأت منها ما يقتضي العموم، ومنها ما يقتضي الخصوص إلى غير ذلك. فاستنبطوا منها أحكام اللغة من الحقيقي والمجاز، وتكلموا في التخصيص والإضمار والنص والظاهر والمجمل والمحكم والمتشابه، والأمر والنهي والنسخ إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة.
واستصحاب الحال والاستقراء، وسموا هذا الفن أصول الفقه، وأحكمت طائفة صحيح النظر، وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام،