وتحفظ للجزء المدرك من الكون بناءه وأبعاده، ولعلها هي المقصودة بقول الحق سبحانه: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَاَ﴾ (الرعد: ٢) وقوله سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (الحج: ٦٥)، وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ (الروم: ٢٥)، وقوله سبحانه: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ (لقمان: ١٠)، وقوله سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ (فاطر: ٤١).
ويقسم ربنا -تبارك وتعالى- وهو الغني عن القسم في مطلع سورة الطور بالسقف المرفوع، وهذا القسم القرآني جاء بالسماء المرفوعة بغير عمد مرئية، والصورة الثانية من صور الطاقة المنتشرة في الكون هي القوى الكهربائية المغناطيسية، أو الكهرومغناطيسية، وهي قوة تعمل بين الجسيمات المشحونة بالكهرباء، وهي أقوى من الجاذبية بملايين المرات، وتتمثل في قوى التجاذب بين الجسيمات، التي تحمل شحنات كهربية مختلفة موجبة وسالبة، كما تتمثل في قوى التنافر بين الجسيمات الحاملة لشحنات كهربية متشابهة، وتكاد هذه القوى من التجاذب والتنافر أن يلغي بعضها بعضًا؛ لأن حاصل القوى المغناطيسية في الكون يكاد يكون صفرًا، ولكن على مستوى الجزيئات والذرات المكونة للمادة تبقى هي القوى السائدة.
والقوى الكهرومغناطيسية بما لها من تجاذب وتنافر هي التي تضطر الإلكترونات في ذرات العناصر إلى الدوران حول النواة بنفس الصورة، التي تجبر فيها قوى الجاذبية، والقوى النابذة المركزية الأرض وغيرها من كواكب؛ يعني تجبر فيها قوى الجاذبية، والقوى النابذة المركزية الأرض إلى الدوران حول الشمس، وإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على وحدة البناء في الكون من أدق دقائقه إلى أكبر