ولكن الآية الحادية والعشرين من سورة البقرة، التي هي قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: ٢١) بعدها ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا والسَّمَاءَ بِنَاء﴾ (البقرة: ٢٢).
هذه الآية تقرر أن الله خلق لنا ما في الأرض جميعًا قبل تسمية السماء الدخانية الأولى إلى سبع سماوات، ويؤيد ذلك ما جاء في الآيات ٩ إلى ١٢ من سورة فصلت، ومعنى هذه الآيات مجتمعة أن كل العناصر اللازمة للحياة على الأرض، بل إن الأرض الابتدائية ذاتها كانت قد خلقت قبل تمايز السماء الدخانية الأولى إلى سبع سماوات، هل يمكن لكل من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية، وعلماء الأرض المسلمين مراجعة الحسابات الحالية انطلاقًا من هذه الآيات القرآنية لإثبات ذلك، فيخلصون إلى سبق قرآني كوني معجز يثبت المؤمنين على إيمانهم، ويكون دعوة لغير المسلمين في زمن فتن الناس بالعلم، ومعطياته فتنة كبيرة.
- بعد ذلك نأتي إلى نقطة أخرى، وهي ترتيب خلق السموات والأرض:
إن عملية الخلق خلق الكون والحياة، وخلق الإنسان هي من الأمور الغيبية، التي لا تخضع مباشرة لإدراك الإنسان، كما قال ربنا في محكم كتابه: ﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ ولَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ومَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا﴾ (الكهف: ٥١).
ولكن من رحمة الله تعالى بنا أنه قد أبقى لنا في صفحة السماء، وفي صخور الأرض من الشواهد الحسية ما يمكنه أن يعيننا على استقراء ذلك، كما أبقى لنا في محكم كتابه، وفي سنة خاتم أنبيائه ورسله من الآيات، والأحاديث ما يمكن أن يدعم هذا الاستقراء، أو أن يهذبه.
وفي ذكره لآيات خلق السموات والأرض يقدم القرآن الكريم يقدم السموات على الأرض في الغالبية العظمى، من الآيات التي تشير إليهما فيما عدى خمس آيات بما فيها ذكر الأرض على ذكر السماء.


الصفحة التالية
Icon