من شروح المفسرين لقوله تعالى: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾
من شروح المفسرين لقول الله تعالى: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ (الطور: ٦):
في تفسير القسم القرآني بالبحر المسجور أشار ابن كثير -رحمه الله- إلى قول الربيع بن أنس أنه هو الماء الذي تحت العرش، الذي ينزل الله منه المطر الذي تحيا به الأجساد في قبورها يوم معادها؛ أي أنه بحر من ماء خاص محبوس عند رب العالمين ينزله -سبحانه- يوم البعث فينبت كل مخلوق بواسطة هذا الماء من عجب ذنبه كما تنبت البقلة من حبتها على ما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قبل.
وأضاف ابن كثير: "وقال الجمهور: هو هذا البحر". واختلف في معنى المسجور؛ فقال بعضهم: المراد أنه يوقد يوم القيامة نارًا كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾ (التكوير: ٦)؛ أي أضرمت، فتصير نارا تتأجج محيطة بأهل الموقف، كما روي عن علي وابن عباس. وقال العلاء بن بدر: "إنما سمي البحر المسجور؛ لأنه لا يشرب منه ماء ولا يسقى به زرع، وكذلك البحار يوم القيامة". وعن سعيد بن جبير: " ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ يعني المرسل". وقال قتادة: "المسجور؛ المملوء". واختاره ابن جرير.
وقيل: المراد بالمسجور الممنوع المكفوف عن الأرض لئلا يغمرها فيغرق أهلها؛ قاله ابن عباس، وبه يقول السدي وغيره؛ وعليه يدل الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات يستأذن الله أن ينفضح عليهم؛ فيكفه الله عز وجل)). وذكر صاحب (تفسير الجلالين) -رحمهما الله- في شرح دلالة القسم القرآني ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾؛ أي المملوء وذكر أنه قول قتادة وقال: "قال مجاهد: الموقد الذي سيسجر يوم القيامة؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾ (التكوير: ٦) ".
وقال صاحب (الظلال) -رحمه الله رحمة واسعة- كلامًا مشابهًا يشير إلى أن البحر المسجور هو المملوء بالماء في الدنيا، أو المتقد بالنار في الآخرة، أو أن هذا التعبير يشير إلى خلق آخر كالبيت المعمور يعلمه الله. وذكر صاحب (صفوة البيان لمعاني القرآن) غفر الله له في تفسير قول الحق -سبحانه-: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ ما نصه: أي


الصفحة التالية
Icon