على حسن هدايته وتوفيقه، ويتمنى كل كافر لو يستحيل ترابا؛ أملا في تحاشي هول هذا اليوم وهول المصير الأسود من بعده، ولكن هيهات هيهات أن يفر أحد من حساب الله وجزائه العادل.
ومن الآيات الكونية التي قدمها ربنا بين يدي سورة النبأ شاهدة له - سبحانه - بطلاقة القدرة في إبداعه لخلقه ومؤكدة إمكانية البعث بل حتميته وحقيقته قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾ وهاتان الآيتان يمر عليهما الإنسان دون إدراك حقيقي لفضل الله تعالى في الإنعام بهما ولا بعمق الدلالة العلمية في كل منهما، لأن حقيقة ذلك لم يدركها العلماء المتخصصون إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين، وهذا السبق القرآني صورة من صور الإعجاز العلمي في كتاب الله، لكن سنبدأ أولا في شرح الدلالة اللغوية لألفاظ الآيتين الكريمتين، واستعراض سريع لأقوال المفسرين فيهما.
الدلالة اللغوية:
أول ً ا: المهاد والمهد في اللغة العربية الممهد الم وطأ من كل شيء، ويطلق على الفراش لبسطه وسهولة وطئه، يقال: م َ هـ َ د َ الفراش، ويقال: م َ هـ َّ د َ الفراش؛ أي بسطه ووطأه، وا لمهد ما يهيأ للصبي من فراش وث ير، وتمهيد الأمور إصلاحها وتسويتها يقال: مهدت لك كذا؛ أي هيئته وسويته، وتمهيد العذر هو بسطه وقبوله، وقد جاء ذكر لفظ المهد بتصريفاتها في القرآن الكريم خمس مرات على النحو التالي:
١ - ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (آل عمران: ٤٦).
٢ - وقوله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا﴾ (طه: ٥٣).