كذلك فإن الأدلة العلمية التي تراكمت على مدى القرنين التاسع عشر والعشرين تشير إلى أن الغلاف الصخري للأرض في حالة توازن تام، وإذا تعرض هذا التوازن إلى الاختلال في أية نقطة على سطح الأرض؛ ف إ ن تعديله يتم مباشرة بتحرك القدر المناسب من الصهارة في نقاط الضعف الأرضي تحت نقطة الاختلال مباشرة منها أو إليها، ومن هذه الأدلة أن القشرة الأرضية تنخفض إلى أسفل على هيئة منخفضات أرضية عند تعرضها لأحمال زائدة، وترتفع إلى أعلى على هيئة نتوءات أرضية عند إزالة تلك الأحمال عنها، ويتم ذلك بما يسمى التضاغط والارتداد التضاغطي المرتد الذي يتم من أجل المحافظة على الاتزان الأرضي؛ ومن أمثلة ذلك ما ينتج عن تجمع الجليد بسمك كبير على اليابسة، ثم انصهار هـ، أو عند تخزين الماء بملايين الأمتار المكعبة أمام السدود ثم تصريفه، أو بتراكم ملايين الأطنان من الترسيبات أمام السدود ثم إزالتها، أو بتساقط نواتج الثورات البركانية العنيفة حول عدد من فوهات البراكين ثم تعريتها.
ففي العهد الحديث من عمر الأرض بدأت في الانصهار تراكمات الجليد السميكة التي كانت قد تجمعت على بعض أجزاء اليابسة من نصف الكرة الشمالي منذ نحو مليوني سنة، ونتيجة لذلك بدأت الأرض بالارتفاع التدريجي في مناطق الانصهار التدريجي للجليد؛ لتحقيق التوازن التضاغطي المرن للأرض؛ وهو من سنن الله فيها، وقد بلغ ارتفاع الأرض بذلك ٣٣٠ متر ً افي منطقة خليج هتسون في شمال أمريكا الشمالية، ونحو مائ ة من الأمطار حول بحر البلطيق حيث لا يزال ارتفاع الأرض مستمرا، وأمام كثير من السدود التي أقيمت على مجاري الأنهار تسببت بلايين الأمتار المكعبة من المياه وملايين الأطنان من الرسوبيات التي تجمعت أمام تلك السدود في حدوث انخفاضات عامة في مناسيب المنطقة وزيادة ملحوظة في نشاطها الزلزالي، ويؤيد ذلك بأن ألواح الغلاف الصخري المكونة للقارات والتي


الصفحة التالية
Icon