النهار، وهذا السطح مكور، فالنهار كان عليه مكورًا، والليل يتبعه مكورًا كذلك.
وبعد فترة يبدأ النهار من الناحية الأخرى يتكور على الليل، وهكذا في حركة دائمة، يكور الليل على النهار ويكور النهار على، الليل واللفظ يرسم الشكل، ويحدد الوضع، ويعين نوع طبيعة الأرض وحركتها، وكروية الأرض ودورانها يفسران هذا التعبير تفسيرًا أدق من أي تفسير آخر.
وذكر صاحب (صفوة البيان) -رحمه الله- ما نصه: يكور الليل على النهار تكوير الشيء إدارته، وضمّ بعضه إلى بعض، ككور العمامة؛ أي: أن هذا يكرّ على هذا، وهذا يكرّ على هذا، كرورًا متتابعًا كتتابع أكوار العمامة بعضها على إثر بعض، إلا أن أطوار العمامة مجتمعة، وفيما نحن فيه متعاورة، وقيل: المعنى يزيد الليل على النهار، ويضمه إليه بأن يجعل بعض أجزاء الليل نهارًا، فيطول النهار عن الليل، ويزيد النهار عن الليل ويضمه إليه بأن يجعل بعض أجزاء النهر ليلًا فيطول الليل عن النهار، وكقوله تعالى: ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾.
وذكر أصحاب (المنتخب في تفسير القرآن) ما نصه: "خلق السماوات والأرض ملتبسًا بالحق، والصواب على ناموس ثابت يلفُّ الليل على النهار، ويلف النهار على الليل على صورة الكرة، وذلَّل الشمس والقمر لإرادته ومصلحة عباده، كل منهما يسير في فلكه إلى وقت محدد عنده، وهو يوم القيامة، إلا هو دون غيره الغالب على كل شيء، فلا يخرج شيء عن إرادته التي بلغ الغاية في الصفح عن المذنبين من عباده ".