هدايتهم، وإذا اطَّلَعَ عليه الخاصة في ضوء الاكتشافات الحديثة لم يجدوه متعارضًا معها؛ فيكون ذلك أدعى إلى تصديقه، واليقين بأنَّهُ من عند الله -سبحانه وتعالى- وقد اقتضَت الحكمة الإلهية في آياته الكونية أن ينزل القرآن بأسلوبٍ لا يصدم البدهي المسلَّم به عند الناس فيكذبوه، ولا ينافي الحقيقة الكونية؛ فيكون ذلك داعيًا إلى تكذيبه، إذ يسر الله سبيل الكشف لأولي العلم في مستقبل العصور.
وهذا من أعجب عجائب القرآن التي لا تنقضي، ومن أدل الدلائل على أن القرآن حقًّا من عند الله، فإن التعبير عن الحقيقة الكونية بأسلوبٍ يطابقُهَا تمامًا، أو يدل عليها أولو العلم، ثم لا يصدم الناس فيما يعتقدون، ولو كان ما يعتقدونه مخالفًا تلك الحقيقة، هذا الأسلوب القرآني في التعبير عن الحقائق الكونية، أو في دلالة أولي العلم عليها أمر يعجز عنه البشر، ولا يقدر عليه إلا الله الذي أنزل القرآن بالحق هدى للناس".
هذه الخاصةُ لأسلوب القرآن في الحديث عن العلوم الكونية لم يستطع الرافضون للتفسير العلمي، أو المتشددون فيه إنكارها، من هؤلاء الذين أنكروا التفسير العلمي الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني -رحمه الله- أيَّدَ أن خاصية أسلوب القرآن في الحديث عن العلوم الكونية أمر موجود ومعهود فيقول -رحمه الله-: "إن الأسلوب الذي اختاره القرآن في التعبير عن آيات الله الكونية أسلوب بارع جمع بين البيان والإجمال؛ حيث يمر النظم القرآني على سامعيه في كل جيل وقبيل، فإذا هو واضح فيما سيق له من دلالة الإنسان وهدايته إلى الله، ثم إذا هو مجمل التفاصيل يختلف الخلق في معرفة تفاريعه، ودقائقه باختلاف ما لديهم من مواهب، ووسائل، وعلوم وفنون.


الصفحة التالية
Icon