تَفْسِير هَذِه الْآيَة يحْتَاج إِلَى كَلَام طَوِيل ولسنا بصدده فَإِنَّهُ مَذْكُور فِي التَّفْسِير وَمَا يخصنا مِنْهُ تَسْبِيح الأجرام العلوية والأجسام السفلية والمخلوقات السماوية والأرضية وَبَيَان المُرَاد بصلواتهم
أما التَّسْبِيح فَلَيْسَ المُرَاد بِهِ التَّسْبِيح الحالي وَهُوَ الدّلَالَة على الْخَالِق إِذْ لَا معنى حِينَئِذٍ لقَوْله ﴿كل قد علم صلَاته وتسبيحه﴾ أَي دلَالَته بل المُرَاد بِهِ التَّسْبِيح المقالي
وَالْمرَاد بِالصَّلَاةِ الدُّعَاء والابتهال وتقديمها على التَّسْبِيح فِي الذّكر لتقدمها عَلَيْهِ فِي الرُّتْبَة أَو المُرَاد بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيح مَا ألهمه الله عز وَجل كل وَاحِد من تِلْكَ الْمَخْلُوقَات من الدُّعَاء وَالتَّسْبِيح المخصوصين بِهِ وَلَا بعد فِي هَذَا الإلهام فقد ألهم سُبْحَانَهُ كل نوع من أَنْوَاع الْحَيَوَانَات علوما دقيقة لَا يكَاد يَهْتَدِي إِلَيْهَا جهابزة الْعُقَلَاء وَهَذَا مِمَّا لَا سَبِيل إِلَى إِنْكَاره أصلا كَيفَ لَا وَإِن الْقُنْفُذ مَعَ كَونه أبعد الْحَيَوَانَات من الْإِدْرَاك قَالُوا إِنَّه يحس بالشمال والجنوب قبل هبوبهما فيغير الْمدْخل إِلَى جُحْره
وَقد تقدم أحسن كَلَام مِمَّا يُنَاسب الْمقَام فِي آيَة سُورَة الْإِسْرَاء.
وَأما قَوْله ﴿وَينزل من السَّمَاء من جبال فِيهَا من برد﴾ فالبرد مَعْرُوف سمي بردا لِأَنَّهُ يبرد وَجه الأَرْض أَي يقشره من بردت الشَّيْء بالمبرد
وَقد اخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِي المُرَاد من هَذِه الْجبَال فَعَن مُجَاهِد والكلبي وَأكْثر الْمُفَسّرين:
أَن المُرَاد بالسماء المظلة وبالجبال حَقِيقَتهَا قَالُوا:
إِن الله تَعَالَى خلق فِي السَّمَاء جبالا من برد كَمَا خلق فِي الأَرْض جبالا من حجر وَلَيْسَ فِي الْعقل مَا يَنْفِيه من قَاطع فَيجوز إبْقَاء الْآيَة على ظَاهرهَا.