وَفِي «روح الْمعَانِي»:
(وَالَّذِي يخْطر بالبال فِي حل ذَلِك الْإِشْكَال وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال أَن الشَّمْس وَكَذَا سَائِر الْكَوَاكِب مدركة عَاقِلَة كَمَا يُنبئ عَن ذَلِك قَوْله تَعَالَى الْآتِي ﴿وكل فِي فلك يسبحون﴾ حَيْثُ جِيءَ بِالْفِعْلِ مُسْندًا إِلَى ضمير جمع الْعُقَلَاء وَقَوله تَعَالَى ﴿إِنِّي رَأَيْت أحد عشر كوكبا وَالشَّمْس وَالْقَمَر رَأَيْتهمْ لي ساجدين﴾ لنَحْو مَا ذكر. وَيدل عَلَيْهِ ظَاهر مَا رُوِيَ عَن أبي ذَر من أَنَّهَا تسْجد وتستأذن فَإِن الْمُتَبَادر من الاسْتِئْذَان مَا يكون بِلِسَان القال دون لِسَان الْحَال).
ثمَّ قَالَ" (والشوهد من الكتات وَالسّنة وَكَلَام العترة على كَونهَا ذَات إِدْرَاك وتمييز مِمَّا لَا يكَاد يُحْصى كَثْرَة وَبَعضه يدل على ثُبُوت ذَلِك لَهَا بالخصوص. وَبَعضه يدل على ثُبُوته لَهَا بِاعْتِبَار دُخُولهَا فِي الْعُمُوم أَو بالمقايسة إِذْ لَا قَائِل بِالْفرقِ وَمَتى كَانَت كَذَلِك فَلَا يبعد أَن تكون لَهَا نفس ناطقة كَنَفس الْإِنْسَان بل صرح بعض الصُّوفِيَّة بِكَوْنِهَا ذَات نفس ناطقة كَامِلَة جدا.
و (الحكماء المتقدمون) أثبتوا النَّفس للفلك وَصرح بَعضهم بإثباتها للكواكب أَيْضا وَقَالُوا كل مَا فِي الْعَالم الْعلوِي من الْكَوَاكِب والأفلاك الْكُلية والجزئية والتداوير حَيّ نَاطِق والأنفس الناطقة الإنسانية إِذا كَانَت قدسية قد تنسلخ عَن الْأَبدَان وَتذهب متمثلة ظَاهِرَة بصور أبدانها أَو بصور أُخْرَى كَمَا يتَمَثَّل جِبْرِيل (١) وَيظْهر