الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة. وَقد رأى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ جمَاعَة من الْأَنْبِيَاء غير مُوسَى فِي السَّمَاوَات مَعَ أَن قُبُورهم فِي الأَرْض وَلم يقل أحد إِنَّهُم نقلوا مِنْهَا إِلَيْهَا وَلَيْسَ ذَلِك مِمَّا ادّعى الحكميون استحالته من شغل النَّفس الْوَاحِدَة أَكثر من بدن وَاحِد بل هُوَ أَمر وَرَاءه كَمَا لَا يخفى على من نور الله بصيرته
فَيمكن أَن يُقَال إِن للشمس نفسا مثل تِلْكَ الْأَنْفس القدسية وَأَنَّهَا تنسلخ عَن الجرم الْمشَاهد الْمَعْرُوف مَعَ بَقَاء نوع من التَّعَلُّق لَهَا بِهِ فتعرج إِلَى الْعَرْش فتسجد تَحْتَهُ بِلَا وَاسِطَة وتستقيم هُنَاكَ وتستأذن وَلَا يُنَافِي ذَلِك سير هَذَا الجرم الْمَعْرُوف وَعدم سكونه حسب مَا يَدعِيهِ أهل الْهَيْئَة وَغَيرهم وَيكون ذَلِك إِذا غربت وجاوزت الْأُفق الْحَقِيقِيّ وانقطعت رُؤْيَة سكان الْمَعْمُور من الأَرْض إِيَّاهَا وَلَا يضر فِيهِ طُلُوعهَا إِذا ذَاك فِي عرض تسعين وَنَحْوه لِأَن مَا ذَكرْنَاهُ من كَون السُّجُود والسكون بِاعْتِبَار النَّفس المنسلخة المتمثلة بِمَا شَاءَ الله تَعَالَى لَا يُنَافِي سير الْجِسْم الْمَعْرُوف بل لَو كَانَ نصف النَّهَار فِي خطّ الاسْتوَاء لم يضر أَيْضا وَيجوز أَن يُقَال سجودها بعد غُرُوبهَا عَن أفق الْمَدِينَة وَلَا يضر فِيهِ كَونهَا طالعة إِذْ ذَاك فِي أفق آخر لما سَمِعت إِلَّا أَن الَّذِي يغلب على الظَّن مَا ذكر أَولا انْتهى كَلَامه
ثمَّ ذكر هذيانا آخر ادَّعَاهُ بعض المتصوفة من زِيَادَة الْكَعْبَة لبَعض الْأَوْلِيَاء وَهِي فِي موضعهَا وَادّعى الشَّيْخ مُحي الدّين أَن بَينه وَبَينهَا مراسلات ومكاتبات
وكل ذَلِك لم يثبت فِي الشَّرِيعَة وَهُوَ دَعْوَى بِلَا دَلِيل فَلَا تلْتَفت إِلَيْهِ وَإِن جلّ قَائِله
وَالَّذِي قَالَه الْمُتَأَخّرُونَ من الفلاسفة أهل الْفَنّ الْجَدِيد المتشرعين أَن هَذَا الجرم الْعَظِيم مَرْكَز للسيارات ويحسب بخفاء حركته ثَابتا وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْحَرَكَة لَازِمَة لَهُ.