سُورَة ق
قَالَ الله تَعَالَى ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨)﴾ [ق: ٦ - ٨]
أَي أفلم ينْظرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقهم بِحَيْثُ يشاهدونها كل وَقت وَهَذَا ظَاهر على مَا هُوَ الْمَعْرُوف بَين النَّاس من أَن الْمشَاهد هُوَ السَّمَاء الَّتِي هِيَ الجرم الْمَخْصُوص الَّذِي يطوى يَوْم الْقِيَامَة وَقد وصف بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيث بِمَا وصف
وَأما على مَا ذهب إِلَيْهِ من أَن الْمشَاهد هُوَ كرة البخار أَو هَوَاء ظهر بِهَذَا اللَّوْن وَلَا لون لَهُ حَقِيقَة وَدون ذَلِك الجرم فَفِيهِ خَفَاء
وَقَالَ بعض الأفاضل فِي هَذَا الْمقَام إِن ظَاهر الْآيَات وَالْأَخْبَار ناطقة بِأَن السَّمَاء مرئية وَمَا ذكره الفلاسفة المتقدمون من أَن الأفلاك أجرام صلبة شفافة لَا ترى غير مُسلم أصلا
وَكَذَا كَون السَّمَاوَات السَّبع هِيَ الأفلاك السَّبْعَة غير مُسلم عِنْد الْمُحَقِّقين وَكَذَا وجود كره البخار وَأَن مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض هَوَاء مُخْتَلف الْأَجْزَاء فِي اللطافة فَكلما علا كَانَ ألطف حَتَّى أَنه رُبمَا لَا يصلح للتعيش وَلَا يمْنَع خُرُوج الدَّم من المسام الدقيقة جدا لمن وصل إِلَيْهِ وَأَن رُؤْيَة الجو بِهَذَا اللَّوْن لَا يُنَافِي رُؤْيَة السَّمَاء حَقِيقَة وَإِن لم تكن فِي نَفسهَا


الصفحة التالية
Icon