وَسَيَأْتِي إِقَامَة الدَّلَائِل على كريتها وَبَيَان مَا يعارضها من ظواهر النُّصُوص وتوجيه ذَلِك
وَاخْتَارَ سُبْحَانَهُ لفظ ﴿السَّمَاء﴾ على السَّمَاوَات مُوَافقَة للفظ الأَرْض وَلَيْسَ فِي التَّصْرِيح بتعددها هُنَا كثير نفع وَمَعَ هَذَا يحْتَمل أَن يُرَاد بهَا مَجْمُوع السَّمَاوَات وكل طبقَة وجهة مِنْهَا
وَالْبناء فِي الأَصْل مصدر أطلق على الْمَبْنِيّ بَيْتا كَانَ أَو قبَّة أَو خباء أَو طرافا وَمِنْه قَوْلهم بنى فلَان بأَهْله أَو على أَهله خلافًا للحريري لأَنهم كَانُوا إِذا تزوجوا ضربوا خباء جَدِيدا ليدخلوا على الْعَرُوس فِيهِ
وَالْمرَاد بِكَوْن السَّمَاء بِنَاء أَنَّهَا كالقبة المضروبة أَو أَنَّهَا كالسقف للْأَرْض
وَيُقَال لسقف الْبَيْت بِنَاء وَرُوِيَ هَذَا عَن ابْن عَبَّاس
وَالْمرَاد من السَّمَاء فِي قَوْله ﴿وَأنزل من السَّمَاء مَاء﴾ جِهَة الْعُلُوّ أَو السَّحَاب.
وَإِرَادَة الْفلك الْمَخْصُوص - بِنَاء على الظَّوَاهِر - غير بعيدَة، نظرا إِلَى قدرَة الْملك الْقَادِر جلّ جَلَاله وسمت عَن مدارك الْعقل أَفعاله إِلَّا أَن الشَّائِع أَن الشَّمْس إِذا سامتت بعض الْبحار والبراري أثارت من الْبحار بخارا رطبا وَمن البراري يَابسا فَإِذا صعد البخار إِلَى طبقَة الْهَوَاء الثَّالِثَة تكاثف فَإِن لم يكن الْبرد قَوِيا اجْتمع وتقاطر لثقله بالتكاثف.