وَقَالَ الشَّيْخ مُحي الدّين بن عَرَبِيّ: إِن الله تَعَالَى جعل هَذِه السَّمَاوَات سَاكِنة وَخلق فِيهَا نجوما تسبح بهَا وَجعل لَهَا فِي سباحتها حركات مقدرَة لَا تزيد وَلَا تنقص وَجعلهَا تسير فِي جرم السَّمَاء الَّذِي هُوَ مساحتها فتخرق الْهَوَاء المماس لَهَا فَيحدث بسيرها أصوات ونغمات مطربة لكَون سَيرهَا على وزن مَعْلُوم فَتلك نغمات الأفلاك الْحَادِثَة من قطع الْكَوَاكِب المسافات السماوية.
وَجعل أَصْحَاب علم الْهَيْئَة للأفلاك ترتيبا مُمكنا فِي حكم الْعقل وَجعلُوا الْكَوَاكِب فِيهِ كالشامات على سطح الْجِسْم.
وكل مَا قَالُوهُ يُعْطِيهِ ميزَان حركاتها وَإِن الله تَعَالَى لَو فعل ذَلِك كَمَا ذَكرُوهُ لَكَانَ السّير السّير بِعَيْنِه وَلذَلِك يصيبون فِي علم الكسوفات وَنَحْوه.
وَقَالُوا إِن السَّمَاوَات كالأكر وَإِن الأَرْض فِي جوفها وَذَلِكَ كُله تَرْتِيب وضعي يجوز فِي الْإِمْكَان غَيره وهم مصيبون فِي الأوزان مخطئون فِي أَن الْأَمر كَمَا رتبوه.
قَالَ: فَلَيْسَ الْأَمر إِلَّا على مَا ذَكرْنَاهُ شُهُودًا. انْتهى
وَيُؤَيّد دَعْوَى: أَنه يجوز فِي الْإِمْكَان غَيره مَا ذهب إِلَيْهِ أَصْحَاب الزيج الْجَدِيد من أَن الشَّمْس سَاكِنة لَا تتحرك أصلا وَأَنَّهَا مَرْكَز الْعَالم وَأَن الأَرْض وَكَذَا سَائِر السيارات والثوابت تتحرك عَلَيْهَا وَأَقَامُوا على ذَلِك الْأَدِلَّة والبراهين بزعمهم وبنوا عَلَيْهِ الْكُسُوف والخسوف وَنَحْوهمَا وَلم يتَخَلَّف شَيْء من ذَلِك.