وَلِهَذَا يُسَمِّي الشَّيْخ مُحي الدّين بن عَرَبِيّ الْفلك الأطلس بـ "فلك البروج" وَالْمَشْهُور تَسْمِيَة الْفلك الثَّامِن - وَهُوَ فلك الثوابت - بِهِ، لاعتبارهم الانقسام فِيهِ وَكَانَ ذَلِك لظُهُور مَا يتَعَيَّن بِهِ الْأَجْزَاء من الصُّور فِيهِ وَإِن كَانَ كل مِنْهَا منتقلا عَمَّا عينه إِلَى آخر مِنْهَا لثُبُوت الْحَرَكَة الذاتية للثوابت على اخْتِلَاف التوالي وَإِن لم يثبتها لَهُ لعدم الإحساس بهَا قدماء الفلاسفة كَمَا لم يثبت الْأَكْثَرُونَ حركتها على نَفسهَا وأثبتها الشَّيْخ أَبُو عَليّ وَمن تبعه من الْمُحَقِّقين.
وَقد صَرَّحُوا بِأَن هَذِه الصُّور الْمُسَمَّاة بالأسماء الْمَعْلُومَة توهمت على المنطقة وَمَا يقرب مِنْهَا من الْجَانِبَيْنِ من كواكب ثَابِتَة ينظمها خطوط موهومة وَقعت وَقت الْقِسْمَة فِي تِلْكَ الْأَقْسَام وَإِنَّمَا توهموا لكل قسم صُورَة ليحصل التفهم والتعليم بِأَن يُقَال الدبران مثلا عين الْأسد
وَتعقب هَذَا القَوْل بَعضهم وَقَالَ هَذَا لَيْسَ بسديد عِنْدِي لِأَن تِلْكَ الصُّور لَو كَانَت وهمية لم يكن لَهَا أثر فِي أَمْثَالهَا من الْعَالم السفلي مَعَ أَن الْأَمر لَيْسَ كَذَلِك فقد قَالَ بطليموس فِي الثَّمَرَة الصُّور الَّتِي فِي عَالم التَّرْكِيب مطيعة للصور الفلكية إِذْ هِيَ فِي ذواتها على تِلْكَ الصُّور فأدركتها الأوهام على مَا هِيَ عَلَيْه. ِ انْتهى.
ثمَّ هَذِه البروج مُخْتَلفَة الْآثَار والخواص بل لكل جُزْء من كل مِنْهَا وَإِن كَانَ أقل من عاشرة بل أقل الْأَقَل آثَار تخَالف آثَار الْجُزْء الآخر وكل ذَلِك آثَار حِكْمَة الله تَعَالَى وَقدرته عز وَجل.
وَقد ذكر الشَّيْخ مُحي الدّين بن عَرَبِيّ فِي بعض كتبه أَن آثَار النُّجُوم وأحكامها مفاضة عَلَيْهَا من تِلْكَ البروج الْمُعْتَبرَة فِي المحدد.